الاستثمار .. الاستثمار فالاستثمار
عصام قضماني
07-05-2016 03:13 AM
يعجبي إصطلاح جديد بدأت تستخدمه بعض المدارس الاقتصادية وإن ليس على نطاق واسع , استبدال جذب المستثمرين , بجذب مستحدثي فرص العمل , لأن كل ما تسعى الحكومات لجلبه من مال عبر المنح والمساعدات والقروض والإستثمار غايته خلق فرص عمل وتأمين حياة مريحة للناس عبر منظومة رفيعة المستوى من الخدمات , لكن الوضع في الأردن مختلف كما يحب أن يراه البعض.
المساعدات والمنح بالنسبة للأردن ليست لإنشاء مشاريع ولا لتحسين الخدمات , بل لتسكير عجز الموازنة وإدامة الخدمات حتى لو بقيت على وضعها السيئ , حتى أن العملية أصبحت مثل ثقب أسود , فتستمر الموازنة عاجزة ويستمر مسلسل الديون وتستمر البطالة وترتفع.
خذ مثلا اخر إحصائية للمديونية فقد بلغت في نهاية شهر شباط من العام الحالي 25 مليارا نحو 35 مليار دولار 94 % من الناتج الإجمالي , جزء كبير منها تم إقتراضه لإطفاء عجز الموازنة الذي يذهب الى بند الرواتب والدعم والكهرباء والماء , وصيانة الخدمات ومحاولات تحسين الخدمات الصحية والتعليم بلا جدوى ملموسة , لماذا قد يستمر المانحون بتكفل فاتورة لا تصنع إقتصادا حقيقيا يعتمد على الذات ؟.
كان يجب على الأردن أن يستعد مبكرا لمثل هذا الموقف , إن لم يكن اليوم فغدا , المال للإستثمار بمشاريع يشرف عليها المانحون القدامى الذين قرروا التحول الى هذه الأليات الجديدة , مشاريع بعدها إذهب لتعتمد على نفسك.
قد ينجح الأردن في الحصول على مساعدات ومنح تخفف من عجز الموازنة وتحد من الخطى المتسارعة للإقتراض , سنة وثلاث وعشر , لكن ليس مدى العمر , و الحل يكمن في الإستثمار وليس غيره.
المشكلة أن هناك إجماعا كاملا بين أوساط صنع القرار والمؤسسات الأهلية على أن الإستثمار هو الحل في مواجهة التحديات الإقتصادية وأبرزها الفقر والبطالة , فالإستثمار الدائم هو الذي يوفر فرص عمل وهو الذي يساهم في رفع مستوى الدخل في بلد يفتقر الى ثروات تدر دخلا ملائما يسمح للدولة في إقامة مشاريع ضخمة أو متوسطة تستوعب آلاف الداخلين الى سوق العمل سنويا , لكن بالمقابل فإن ذات الأصوات المجمعة على أهمية الإستثمار تنضم يوميا الى طابور القوى المعرقلة وتشجع المنح والإقتراض والإستجداء.
أنظر الى الإستثمار الخارجي كيف ضاعف عدد المشتغلين في قطاع الإتصالات من ألفي موظف الى 30 ألفا , كذلك في شركات البوتاس والفوسفات , والإسمنت , أم أن هناك من يريد لأعداد موظفي الجهاز الحكومي أن ترتفع من 42 % من القوى العاملة الى 100% بالإقتراض والمنح والمساعدات لتمويل رواتب لا تؤدي الا لمزيد من العجز !.
الراي