الأردن بين معركتي الرطبة ودرعا
محمد برهومة
06-05-2016 01:44 PM
منذ مدة تتأهب السلطات الأردنية لمعركتين على حدود الأردن مع سورية والعراق، من المرجح أن تخوضهما حكومتا دمشق وبغداد ضد تنظيم «داعش» في مدينتي درعا السورية والرطبة العراقية (غربي محافظة الأنبار) التي لا تفصلها أي بلدات أو مدن أخرى عن حدود طريبيل مع الأردن، وهي على بعد نحو 100 كيلومتر من الحدود السعودية. وقد أبلغت حكومة حيدر العبادي نظيرتها الأردنية بأن ثمة استعداداً عراقياً يتواصل للهجوم على «داعش» في الرطبة، حيث يبسط التنظيم سيطرته عليها منذ عامين وعلى أطرافٍ من الطريق الدولي الواصل بين عمّان وبغداد.
والواقع أنّ بغداد آثرت على خوض المعركة وحدها في الرطبة، مع أنّ عمّان أبدت رغبة في خوضها بالتنسيق مع حكومة العبادي. الأمر هنا لا يتعلق فقط بالتقاء الرؤى الأردنية والعراقية على ضرورة مكافحة الإرهاب، بل كذلك بانسياب التجارة بين البلدين، خصوصاً بعد إغلاق معبر طريبيل وتوقف الطريق الدولي عمان ـ بغداد لمدة عامين، وهو ما تسبب في خسارة الاقتصاد الأردني ما يزيد على بليون دولار. وعلى رغم أنّ حكومة العبادي تواجه أزمة سياسية محتدمة ولم تشرك عشائر الأنبار السنيّة، تسليحاً وتدريباً، في الشكل الكافي، في معركتها المرتقبة ضد «داعش»، ولم تخفف من سياساتها التهميشية حيالهم، فإنّ الدعم الأميركي - الإيراني لحكومة العبادي، قد يجعل معركة الرطبة - الأنبار، بدعم من الطيران الأميركي ربما، حاجة مُلحّة لإعادة التحشيد خلف حكومة العبادي، وبدعم واشنطن التي تكرر شعارها «دعونا نتوحد فقط في قتال داعش».
والتقدير الأردني أنّ احتمالات فتح معبر طريبيل أوفر حظوظاً من فتح الحدود مع سورية، حيث لا يبدو أن معركة حلب قريبة الانتهاء، وثمة جدل ما إذا كانت معركة الرقة هي التي ستلي حلب أم درعا، وحسم هذا الجدل سيترك مفاعيله أيضاً على معركة الموصل المؤجلة.
وعلى رغم الاستنفار الأردني على الحدود مع سورية لمنع تسرب إرهابيين بين اللاجئين، فإن ثمة رصداً مكثفاً لمآلات «الصراع الجهادي» الذي استعر في الفترة الأخيرة بين «لواء شهداء اليرموك» و»حركة المثنى»، المتهمين بمبايعة «داعش»، من جهة، و»جبهة النصرة» و»الجيش الحر» من جهة أخرى، في ريف درعا الغربي. وهذه الأجواء تضع عقبات عنيدة أمام إعادة الأردن تنشيط عناصر «الجبهة الجنوبية» المعتدلة والموالية له، بعدما فككها التدخل الروسي والخطوط الحمراء الأميركية-الإسرائيلية بشأن إبعاد المعارضة المسلحة عن دمشق. ولهذا يبدو الأردن اليوم أكثر قلقاً من تعثر احتمالات التسوية في سورية، خصوصاً بعد محرقة حلب، والخشية أن تتكرر المحرقة في درعا، التي لم يُسقطها حزب الله من أجندته، على رغم فشله بمساندة «الحرس الثوري» الإيراني من اقتحامها في العامين الماضيين. ويبقى السؤال عما إذا كانت عمّان، وبتنسيق إقليمي ودولي (أميركا وروسيا) ستتمكن من إعادة حالة «الستاتيكو» التي كانت تحكم الوضع في حوران، بانتظار جلاء أفق الهدنات والتسويات والمعارك المؤجلة والمستمرة في الرقة والموصل وحلب وغيرها... والمرجح ألا يكون هذا الجلاء قريباً.
الحياة اللندنية