مجزرة الإيرادات المحلية إعفاءات ضريبية كاسحة
د. فهد الفانك
04-05-2016 03:00 AM
يبدو أن الحكومة أرادت أن تسبق صندوق النقد الدولي وبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يطالب بزيادة الإيرادات المحلية ولكن بالاتجاه المعاكس فقد ، فاجأتنا بإعفاءات شاملة تكلف الخزنية أكثر من 300 مليون دينار سنوياً ، تضاف إلى الوجبة السابقة من الإعفاءات التي اصدرتها قبل أكثر من شهر والبالغة كلفتها 200 مليون دينار ، وبذلك تكون الحكومة قد انقصت الإيرادات المحلية المقررة في الموازنة هذه السنة بمقدار 500 مليون دينار بدلأ من أن تزيدها بنفس المقدار.
المبلغ كبير فهو يشكل حوالي 7% من الموازنة العامة أو 2% من الناتج المحلي الإجمالي سوف يضاف إلى عجز الموازنة المطلوب تخفيضه ، ليتم تمويله بالمزيد من المديونية المطلوب تخفيضها ، أي أن هناك تحركاً متسارعاً ومعاكساً لأهداف الإصلاح الاقتصادي ، ومن شأنه إفشال الأهداف المتوقعة فيما يخص الموازنة والمديونية. وما على صندوق النقد الدولي ودعاة الإصلاح الاقتصادي إلا أن يشربوا البحر.
جرى إعفاء قطاع النقل مثلاً من نصف ضريبة الدخل بحجة أن الظروف الراهنة صعبة وبعض الشاحنات معطلة بسبب إغلاق حدود العراق وسوريا. ومعنى ذلك أن شركات النقل العام إما أنها تحقق أرباحاً هزيلة بحيث أن إعفائها من نصف الضريبة لا يعني شيئاً ، وإما أنها تخسر وبذلك لا يفيدها الإعفاء ، الذي يصعب التراجع عنه عندما تتحسن الظروف.
تعب مذيع نشرة الأخبار في التلفزيون الأردني وهو يسرد أنواع الإعفاءات والحوافز والمزايا الجديدة التي قررها مجلس الوزراء لمختلف القطاعات ، وكأن بعضها يسمي الحافظات المستفيدة فيتضح أنها جميع المحافظات باستثناء مدن عمان والزرقاء وأربد (القصبة) وليس هناك صناعات ومشاريع اقتصادية في احياء المدن حتى تستفيد من الإعفاء ، مما يجعله شاملاً لكل المملكة ، ولم يبق سوى إعلان الأردن منطقة أوف شور مثل بنما ، ليس فيها ضرائب.
حكومتنا تريد الاعتماد في موازنتها على مصدرين هما المنح الأجنبية مقابل القيام بوظائف استراتيجية معينة ، والقروض التي ما زال الأردن قادراً على اجتذابها ، ولكن إلى متى؟.
هناك منافسة في الإعفاءات بين الوزراء حسب وزاراتهم وخلفياتهم: وزير النقل مثلاً يريد إعفاء قطاع النقل العام ، ووزيرة الاتصالات تريد تخفيف الضغط على شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، ووزير السياحة يريد زيادة الإعفاءات لقطاع السياحة الذي لا يحقق أرباحاً حتى يمكن إعفاؤها وهكذا.
ما زال بعض الغافلين يصفون حكومـة الدكتور عبد الله النسور بأنها حكومة جباية ، وأنها تمد يدها إلى جيب المواطن الأردني بدلاً من أن تمدها إلى خزائن البنوك المقرضة وجيوب دافعي الضرائب في الدول المانحة!
الراي