دلالات الزيارة الملكية الى ذيبان
عادل حواتمة
03-05-2016 12:50 PM
من غير المنصف التعاطي مع فحوى الزيارة الملكية إلى ذيبان بالأمس واختزالها باعتبارها رمزية من سياقات عيد العمال فقط، فالزيارة لا شك تتضمن ذلك وأبعد من ذلك، فاختيار الزمان والمكان مناسب لإعادة توجيه الحكومة نحو إعادة النظر في بذل الجهود الصادقة في خلق تنمية شاملة للواء ذيبان، وبشكل أوسع كل المناطق "الطرفية" والتي تبتعد عن العاصمة أو مراكز المدن لما لذلك من أهمية قصوى أدناها توفير الامن المجتمعي والغذائي.
بعد ان سقطت ذيبان من حسابات الحكومة، أو جرى اسقاطها لأسباب غير واقعية تتصل بالحراك الشبابي المنضبط بأطر الوطنية والذي خرج على الحكومة في العام 2011، تمت "شيطنة" اللواء ومحاولة اقناع صاحب القرار بأنه "من المغضوب عليهم ومن الضالين"، وما رافق ذلك من حرمان لواء ذيبان من المشاريع التنموية وعلى رأسها الجامعة التي كان من المفترض أن تحدث نقلة نوعية، اكاديمياً وتنموياً في اللواء تم نقلها إلى مكان آخر- يعج بالمشروعات - والذهول لا يكاد يفارق الناس هناك لماذا كل هذا التجاهل الحكومي لتوجيهات جلالة الملك؟ وأين هي المشروعات التنموية التي أقيمت في اللواء منذ العام 2010 إلى الآن؟ في الوقت الذي تصمد فيه راية الولاء للعرش الهاشمي والانتماء للوطن خفاقة متجددة في سماء ذيبان، ما سكنت وما تبدلت.
من الراسخ أن علاقة جلالة الملك بشعبه مبنية على أساس أخلاقي وإنساني، أكثر منها عقداً اجتماعياً أو سياسياً والتي يؤطرها المصير والثبات والاعتراف بالأدوار.
وتأتي زيارة ذيبان دليلاً عملياً يبرهن تلك النظرية والتي بدورها تدحض كل الافتراضات الحكومية غير الوطنية، والتي تتعامل أحياناً كثيرة بمنطق المصالح والحسابات المرحلية، في غياب تام لمنطق المواطنة والشراكة والتبصر.
يعاني ذيبان شأنه شأن اقرانه من بطالة أبنائه وخاصة المتعلمين، وكما هو ثابت بأن البطالة بشكل أساسي هي البيئة التي تغذي كل اعوجاج أو "تعرُج" وطني ومواطني، وهي طريق " سالك" للاغتراب السياسي وما يتبعه من افرازات غير محمودة وغير مرغوبة من قبل الجميع. لذلك دائماً ما يكون جلالة الملك حاضراً وبقوة ليردم كل الفجوات التي تحدثها الحكومات بقصد حيناً وبغير قصد أحياناً.
في زيارة جلالة الملك لذيبان اختبار لدرجة ذكاء الحكومة و "مذاكرتها" وقدرتها على إكمال وتنفيذ توجيهات جلالة الملك التي لايزال الجميع يؤمن بها والتي أصبحت مكوناً أساسياً في الحكم الهاشمي يتجاوز البروتوكول، ووهن حدود الأدوار فالأردنيون اعتادوا ذلك وتعارفوا عليه إلى أن ثبت عرفاً لديهم.
الإطار العام للزيارة التي كانت "لمصنع الصافي للألبسة" يأتي ليوجه الحكومة لتهتم -تشريعاً وتسهيلاً - بشكل أكبر بالقطاع الخاص الذي يؤدي دوراً اخلاقياً في المجتمع أكثر منه ربحياً، ليس ذلك فقط بل الاهتمام والدفاع عن حقوق العمال خاصة والحديث الآن يدور حول رفع الحد الأدنى للأجور. والجزء الثاني يتعلق بضرورة تنمية المناطق المتكئة على جبال الوطن وسهوله والتي تعاني التهميش وتفتقد للعدالة التنموية.