ألم يبق فاسدون إلا هو .. !
عدنان الروسان
03-05-2016 04:22 AM
لماذا كل هذا المعارك ضد الدكتور باسم عوض الله، توقفت حروب داحس والغبراء بين كل مراكز القوى المختلفة وقوى الشد العكسي وتوجهت البواريد إلى المصخم باسم عوض الله، ولم يبق صاحب قوس ولا متمنطق بشبرية إلا واستلها في وجهه رغم أنه لم يأت بعد لا رئيسا للوزراء ولا رئيسا للديوان ولكن لمجرد ظهوره بجانب الملك في مناسبتين أو ثلاث ظن الجميع أن الرجل عائد إلى واجهة الصدارة في المشهد السياسي الأردني..
ولنفترض ذلك، لنفترض أن الرجل عائد إلى واجهة المشهد السياسي، لنفترض انه قادم الأسبوع القادم إلى الدوار الرابع لماذا كل هذا التشنج والعصبية وهذه الأقلام العرمرمية التي تنافخت شرفا ورفعت بيارق الحرب وتخندقت تترقب ساعة الصفر لتنقض على الفريسة وتروي ظمأها من الفروسية التي تجلب شرهة أو منصبا أو تلفت نظرا أو تصرخ بأعلى صوتها هل رأيتموني ..
لن أقبل أن يزايد عليَّ أحد في موضوع الفساد وشخوصه بسبب ما أكتبه هنا اليوم، وقد قلت في باسم ما لم يقله مالك في الخمر، ولكن لنا عقول وألباب، ولا نقبل أن ننقاد وراء صيادي المكافآت وأبطال طواحين الهواء، لماذا هذه الهجمة على الرجل وهو لم يفعل ربع أو عشر ما فعله غيره فينا، حاسبناه على النوايا ولم نحاسب غيره على الأفعال، هل دمر باسم عوض الله المواطن الأردني كما فعلت الحكومة الحالية، هل باسم الذي رفع الكهرباء والماء وقنن مراكز القانون التي باتت كمخافر الفرسان في غابر الأزمان تسخر القانون والأمن لطحن عظام الموطن لصالح الشركات القابضة والشركات الناهبة والشركات التي تأتمر بأمر الأجنبي، هل عين باسم عوض الله ابنه سفيرا أو أخاه مستشارا قانونيا أو صهره موظفا براتب يفوق راتب الرئيس الأمريكي، هل دمر باسم عوض الله الشركات والمؤسسات ...
و لنفترض أنه فعل ذلك ...
فهل هو الوحيد الذي فعل هذا ..؟
أين ملفات سكن كريم التي أغلقت دون أن ندري كيف أو لماذا، أين انتهت الشبهات حول الملكية الأردنية ومصفاة البترول، وأين ملفات أمنية ومايكل داغر، أين باقي الملفات الطويلة التي أغلقت وسحبت كلها وبعض أصحابها صاروا يهجمون ويهاجمون ويقودون غزوات الشرف وكأنهم أبو بكر ضد المرتدين، لماذا تحمسنا زغروته وما أن يهجم أحدهم على أحدهم حتى تنهال السكاكين تقطع وتذبح وتسلخ وترتفع العقائر وتشعل النيران وتدور القهوة وتولول الديوانيات والتلال السبعة عليهم عليهم .
إما أن نقف ضد كل الفساد والفاسدين، ونسمي الأشياء بمسمياتها، ونشير إلى الفاسدين كما نشير ربما ظلما إلى باسم، وإما علينا أن نقر بأننا منافقون نستغل ألسنتنا وأقلامنا لننال من الناس الذين نشعر بأنهم الأضعف أمام سهام الاتهامات لاعتبارات جهوية وعشائرية، الجميع يخبئ جزءا كبيرا من قناعاته في قضايا الفساد وفي أسماء الفاسدين ومن يقف معهم ووراءهم لأنهم يخافون من بعض الفاسدين كخوفهم من الله بل أشد خوفا، ثم يهجمون على البعض الآخر ليسجلوا مواقف لا ندري أمام من ولحساب من.
الوطن بحاجة إلى أقلام نظيفة وألسنة طاهرة حتى نتمكن من محاربة الفساد، وليس إلا كمائن تنصب وفخاف تنثر كمصائد المغفلين، ثم إن التذاكي والتباكي لم يعودا سلاحين مفيدين لأحد، فقد توضحت الأمور وصار الجميع يعرفون أن هناك مراكز قوى كثيرة ومحافل فساد قوية تتقاسم كعكة الوطن والمسألة ليست مرتبطة بشخص واحد فقط، والفساد كان قبل باسم عوض الله واستمر بعد غيابه ولن يتوقف بعد عودته إن عاد لأننا لم نتخذ بعد قرارا استراتيجيا بالتوقف عن الفساد والإفساد، أليس قانون الانتخاب والطريقة التي مرر بها فسادا، أليست نصف التشريعات التي مرت والطرق التي مررت بها فسادا، أليست نتائج السنوات الأربع الماضية فسادا، أليس الإخفاق في السياسة الخارجية والداخلية فسادا.
وأشد الناس إفسادا المنافقون الذين يحاولون أن يتدثروا بثياب الإصلاح ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾ .
سوف نمر بأوقات عصيبة جدا لأننا لا نرتدع ولا نتعظ بما يجري لغيرنا نتيجة الكذب والنفاق، والسنن الكونية لابد آن تتم لأنها حتمية ولا مناص من وقوعها، ونحن ننبه لأننا جميعا في نفس المركب ولا نريد أن نرى الظلم يقع فلا تتمعر له وجوهنا ولا تحمر له عيوننا لأننا نخاف على أرزاقنا ممن لا يملكون لنا ضرا ولا نفعا ولأننا أصبحنا نجيد تجارة الكلام ونتلذذ بما تعود به علينا من عطايا وهبات.
الفساد كثير وكبير والثقب أكبر من الرقعة والحقيقة أن لا فرق بين فساد وفساد ولا بين فاسد وفاسد وما يجري ضد الرجل أراه مهزلة تستغبي عقول الأردنيين.