التعديلات الدستورية والاستقرار التشريعي
المحامي الدكتور هيثم عريفج
02-05-2016 01:00 PM
نتباهى كأردنيين بدستور محترم يحمل الصفة الشرعية، ويعد قانونياً المرجع النهائي الذي يجب ان تبنى القوانين وفق احكامه.
اذ يعد الدستور اهم ركائز النظام السياسي، وهو العقد الذي يربط الحكومة بالشعب، ويعرف على انه مجموعة القواعد الاساسية التي تنبثق منها كافة الانظمة والقوانين واية تشريعات يعمل بها في الدولة. حيث يحدد شكل الدولة ونظام الحكم بها والسلطات الثلاث وعلاقتها ببعض، بالاضافة الى حقوق الافراد وواجباتهم. وان الحياة الديمقراطية السياسية في اي بلد تبنى على ثبات التشريعات واساسها ثبات الدستور، اذ لا يمكن ان يكون الدستور عرضة للتعديل والتبديل المتكرر، واذا كان لا بد من التعديل فلا بد ان يكون بعد دراسة مستفيضة وافية وبعد حوار وطني شامل يجعل منه عقداً بالمفهوم القانوني يوافق على احكامه كل من الحاكم والمحكوم.
صدر الدستور الاردني عام 1952، كما ذكرنا فإنه دستور يؤسس لحياة قانونية ديمقراطية مؤسساتية محترمه.
وقد جرى على الدستور العديد من التعديلات ابتداء من عام 1955 ومروراً بالاعوام 1984،1976،1974،1973،1965،1960،1958 ، وكان اهمها التعديلات الدستورية عام 2011 والتي وصفت على انها تعديلات اصلاحية ، ومن اهم عناوينها الرئيسية منع ازدواج الجنسية لمن يشغل المناصب العامة، اذا تم ايراد نص يمنع شغل المناصب الرئيسية في الدولة لمن يحمل جنسية اخرى ، بعدها وفي عهد البرلمان الحالي جاء تعديل اخر في العام 2014 .
ثم جاء التعديل الاخير المثير والذي جاء على عجل مخالفاً بذلك الاعراف الدستورية والقانونية ، والذي الغى النص الذي يمنع ازدواج الجنسية في بعض المناصب الرئيسية في الدولة وقد سبق هذا التعديل إقرار قانون الانتخاب الجديد قبل اقل من شهرين والذي نص في احدى مواده على منع ازدواجية الجنسية لمن يترشح او يشغل مقعدا نيابياً .
كل هذا يسوقنا الى تساؤل مهم جداً وهو مدى المزاجية او عدم التخطيط الواضح المفهوم المنظم للتشريع في الاردن ، فتعديل بهذا الحجم لا يمكن ان يصدر بشكل ارتجالي بل لا بد لان يخطط له من مدة ويدرس من كافة الجوانب ، وذات الامر ينطبق على قانون الانتخاب او اية قوانين اخرى ، والذي لا بد لان يحمل الجديه الكامله والمصداقية وذلك لكسب احترام الشعب بالاضافة الى استقرار التشريع.
في بحثنا عن اسباب التعديل الدستوري نتساءل هل هي اسباب اصلاحية ام مصالحية؟ اذ عندما تم اجراء تعديل عدم ازدواجية الجنسية في العام 2011 روج لها على انها تعديل اصلاحي وحفاظاً على مصالح الوطن ، فماذا حدث بعد اقل من خمسة اعوام ؟ هل يعد التعديل تراجعاً عن المنهج الاصلاحي؟
مع موافقتي على موضوع ازدواجية الجنسية ، الا اننا بحاجة الى ثبات تشريعي وبالخصوص ثبات دستوري يؤسس لدولة المؤسسات والقانون ، والتي تكون الاساس لبناء الاقتصاد و الحريات ، وان لا نسمح للمزاجية في بأن تأخذ المبادرة ، وعلى مجلس النواب وان اخذت تلك التعديلات صفة الاستعجال ان يمنح الشعب والمشرعين الفرصة الكافية لدراسة التعديلات واثارها ، وان لا يسمح بأن يكون الدستور عرضة للتعديل والتبديل وفقاً لأسس غير واضحه.