نحن والصندوق والمملكة العربية السعودية
د. جواد العناني
28-04-2016 03:28 AM
اطلعت على حديث الدكتور زياد فريز في مؤتمر «اليوروموني» (Euromoney)، الذي عقد في عمان مؤخراً تحت الرعاية الملكية السامية، وانتدب الدكتور فريز لافتتاحه نيابة عن جلالة الملك عبدالله الثاني.
وفي رأي المحافظ ان قدرة الاردن عام 2016 على التصدي للاختلالات في الاقتصاد الاردني هي اقوى الآن مما كانت عليه عامي 2011، 2012، بعدما وصلت آثار الازمة العالمية الى اقتصادنا، وزاد من تأثيرها السلبي علينا انفجار الازمات في سورية والعراق ومصر، كدول مجاورة، وما سببته من ارتفاع في النفقات لرعاية اللاجئين الى الاردن، وارتفاع كلف الدفاع والأمن.
ففي الفترة 2011/2012 كان رصيد الاردن من العملات الاجنبية لا يزيد عن 6 مليارات دولار، بينما هو يفوق الآن 14 ملياراً. وكذلك اتخذت الحكومة اجراءات خففت عن كاهلها الدعم للمشتقات النفطية والكهرباء، ورفعت الحكومة بعض الرسوم وزادت القروض المتاحة الميسرة والمساعدات المباشرة، امام هذه الحقائق، يرى الدكتور فريز ان الاردن الآن، وبفضل تطوير سياساته، قد اصبح اكثر قدرة ومرونة على اعادة التوازن الى الاقتصاد، واكثر جاذبية للمستثمرين والمقرضين العرب والدوليين.
واكد ان بعثة صندوق النقد الدولي التي ستزور الاردن حوالي منتصف شهر ايار ستبحث في برنامج التصحيح الجديد. وبموجب ما سمعناه من وزير المالية، والذي يبدو ان تصريحاته قد اسيء فهمها، فإن صندوق النقد الدولي كان يطالب الاردن بتخفيض نسبة المديونية العامة الى الناتج المحلي الاجمالي الى 70٪ عام 2020. ولكن بعد التفاوض، قبل صندوق النقد الدولي بتعديل تلك النسبة الى 80٪.
هذا القبول قد خفف على الاردن كثيراً، وسهل المهمة على السياستين المالية والنقدية لكي تتمكنا من تخفيض هذه النسبة من 86٪ كما هي حالياً الى 80٪، اي بست نقاط مئوية فقط، بدلاً من 16 نقطة مئوية كما كان يطالب في البداية.
واذا اكتسبت هذه النقطة القبول من الطرفين (الأردن وصندوق النقد الدولي)، يصبح تحقيقها ليس سهلاً فحسب، بل ومتناغماً مع المطالب الشعبية والحزبية وغيرهم ممن يبدون قلقاً شديداً حيال تزايد المديونية.
لصندوق النقد الدولي مطالب اخرى، وأهمها هو تعديل قانون ضريبة الدخل، فمن غير المعقول - حسب رأي الصندوق - ان ينال الاردن مساعدات بدون مقابل من دول اخرى، بينما لا يدفع غالبية الافراد فيه ضريبة دخل، ولذلك، يجب ان يعاد النظر في الضريبة، وفي حجم الاعفاءات وغيرها.
يطالب صندوق النقد الدولي كذلك بضرورة اصلاح سوق العمل الاردني، وهو مطلب لكثير من الاردنيين، فالبطالة التي وصلت الى اكثر من 14٪، وتجاوزت نسبة 22٪ بين الشباب، وضعف ذلك بين النساء لا يمكن السكوت عليها، لا من ناحية اقتصادية، او سياسية، او اجتماعية، او امنية.
وسوف يطالب صندوق النقد الدولي كذلك، بالتركيز على تحسين مشاركة المرأة في سوق العمل، لأن عملها سوف يدعم دخل الاسر، ويقلل من نسب الفقر.
واذا اقتصرت مطالبات الصندوق على هذه النقاط، وعلى امور اخرى مشابهة، فمن المؤكد ان بالامكان التصدي لها، وتجاوزها.
لقد اتت زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني الى المملكة العربية السعودية يوم أمس، وصدور بروتوكول مشترك بعد الاجتماعات، وتأكيد اواصر الوئام بين البلدين معززة للتفاؤل بقرب التحسن في الاوضاع الاقتصادية.
ولأن الأمير السعودي محمد بن سلمان، ولي ولي العهد، قد اطلق الخطة الشاملة لاعادة هيكلة الاقتصاد السعودي، والتصدي لبعض المظاهر الضارة باقتصاده، والتخفيف من ممارسة الدولة الرعوية للانتقال الى الانتاج وتنويعه بعيداً عن النفط تتوافق مع افكار جلالة الملك عبدالله الثاني في الاردن، فإن التمازج في الآراء والتشابه في المنطلق والاطار الاقتصادي سوف يوسع دائرة التعاون الكبير بينهما.
وكلا البلدين مطالب حالياً بالتنسيق فيما بينهما، حتى يتجاوز كلاهما محنة الجوار الذي يعيشان فيه، ويؤكدان مع باقي دول الخليج ومصر انهم يشكلون كتلة حرجة متساندة لا تؤخذ على علاتها، ولا يستهان بها، وتخيف من يريد بهذه المنطقة عبثاً وفساداً.
لقد مرت الظروف الأصعب، ولا يزال امامنا مسافة زمنية حتى يتحقق الاستقرار الكامل في الجزيرة العربية (اليمن) وفي المشرق العربي (العراق وسورية)، ولكن المؤكد اننا بدأنا نخرج من غابة الفوضى والحروب، ولربما صرنا اقرب الى التماسك والبناء واحترام كرامة الانسان.
الدستور