facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




العروبة بين التاريخ والحضارة


د. سامي الرشيد
27-04-2016 02:35 PM

لم يستطع العرب تشكيل دولة موحدة بعد سقوط الدولة العثمانية في نهاية الحرب العالمية الاولى عام 1917, حيث تمثل تركيا الحديثة دولة موحدة للاتراك، وتمثل ايران دولة للايرانيين من فرس وغيرهم ,ولكن العرب الذين قسمهم سايكس بيكو الى دويلات عام 1916,لم يستطيعوا تشكيل امة واحدة لما يوجد بها من روابط جغرافية وتاريخية ولغة ودين ,بعكس الدول الاوروبية التي توحدت رغم الخلافات في المذاهب واللغة والتاريخ.

قام لورنس العرب بدور فعال في تقسيم الامة العربية ,ولكن من كان لها دور اكثر تاثيرا في التقسيم ,هي جيرترود بل ,وهي مستشرقة وكاتبة وعالمة اثار ومستكشفة ورسامة خرائط ,وشغلت منصب ملحقة سياسية في الامبراطورية البريطانية في المنطقة العربية خلال الربع الاول من القرن العشرين قبل وخلال وبعد الحرب العالمية الاولى ,وكانت المراة الوحيدة التي شغلت منصبا سياسيا في القوات البريطانية ,وعاشت خلال هذه الفترة في سوريا الكبرى والعراق وتنقلت على نطاق واسع في الجزيرة العربية وايران وتركيا واختلطت بالقبائل العربية وزعمائها ,وكانت امراة جميلة جدا قادرة ومؤثرة وتستخدم كل الاساليب الممكنة لتنفيذ مآربها في تقسيم الامة العربية وتفعيل وعد بلفور لخدمة الصهيونية العالمية وهي تجيد اللغة العربية بطلاقة الى جانب اللغات الفارسية والفرنسية والالمانيةوالتركية والايطالية ,وعاصرت لورنس العرب الذي عاش بتلك الفترة.

واطلق عليها لقب لورنس العرب الانثى يعزى اليها مسؤولية التقسيم وتخطيط الحدود بين الاردن والعراق وسوريا ,والاسهام في تاسيس الدولة العراقية ووضع حدودها ,واجرت مفاوضات مع الزعماء العرب بموافقة كبار المسؤولين السياسيين والعسكريين البريطانيين وعلى راسهم ونستون تشيرتشل ,وهي ايضا ابنة عم كليمنتين اوجيفلي زوجة ونستون تشيرتشل.

الجدير بالذكر ان دورها في تقسيم المنطقة وخنق العراق جنوبا وفصل الكويت عنها ,يفوق كثيرا دور لورنس ,لشهرتها في التخطيط الجغرافي وعمق علاقتها مع الزعماء العرب والقبائل العربية والتاثير الثقافي وطول الفترة التي عاشتها بينهم ,وقد امضت باقي غمرها في العراق وتوفيت هناك.

قال لي صديق قومي قديم ان خالد ابن الوليد قد قتل اربعين الف مسيحي,واستغربت هذا الطرح, وقلت له هل تقصد معركة اليرموك ,انها بين العرب والروم وقد شارك العرب الغساسنة ( ومعظمهم كانوا مسيحيين ) مع العرب القادمين من الجريرة ومع خالد لطرد المستعمر الروماني من بلادهم مع انهم كانوا يحاربون الفرس بالوكالة باستخدام الغساسنة وحيث كان الفرس يستخدمون العرب المناذرة الى ان جاء الاسلام ووحدهم.
كانت التعليمات للجيوش : الا تقطعوا شجرة ولا تقتلوا طفلا ولا شيخا كبيرا ولا تهدموا صومعة.

مع العلم ان الصليبيين عندما جاءوا لاحتلال بلادنا قتلوا العديد وكان الدم في المسجد الاقصى وكنيسة القيامة حتى الركب ولم يفرقوا بين مسلم ومسيحي ويهودي واعتبروا المواطنين اعداء,وعندما طردهم صلاح الدين قال لهم لن تعودوا....

ومن الجدير بالذكر بعد سايكس بيكو جاء الجنرال الفرنسي غورو ودخل دمشق وزار قبر صلاح الدين وقال : ها نحن عدنا ياصلاح الدين

وانا اقول لصديقي :
يا رفيقي نحن من نور الى نور مضينا
ومع النجم ذهبنا ومع الشمس اتينا
اين ما يدعى ظلاما يا رفيق الليل اينا
ان نور الله في القلب وهذا ما اراه
سوف احيا

يعود السبب في عدم قيام دولة عربية واحدة الى ضعف التخطيط وسواد المصالح الضيقة ,وانتشار الفساد,وغياب المساءلة ومفهوم المشاركة من الاسفل للاعلى.

العرب بين متناقضتين – العلاقة مع الخارج- (الغرب واسرائيل ),وحالة الاستبداد التي تمزق الاقليم وتساهم في اضعافه.

المساحة الممتدة بين مصر وشمال افريقيا غربا وبين بلاد الشام والخليج العربي شرقا ,مكونة من شعوب متنوعة تخضع في اغلب الحالات لحاجات دول كبرى ,وقوى مختلفة وانظمة سياسية ,هي في جلها غير ديموقراطية .
لكنها تعيش في حالة نزاع مع طموحات الاجيال العربية الجديدة,الاكثر رفضا للتحكم الخارجي وغياب الحريات والحقوق الاساسية.

العرب محاصرون في الداخل بفضل حالة مانعة للتقدم والعلم والنهضة,التي تمثل العدالة والحريات والحقوق احد مظاهرها , وهم محاصرون من الخارج بفضل صراعات مع الصهيونية ,واعتمادهم المبالغ به على الغرب .
لكنهم محاصرون بفضل عامل ثالث سيبقى سيفا مسلطا عليهم ,هو غياب المشاريع المشتركة التي تتفاعل مع المجتمع وتخلق حالة من حالات التفاعل الاقليمي الوحدوي .
لقد ثبت في التجربة والتطبيق ان العالم العربي تداخل في كل شئ في شره وخيره وفي حالة سقوطه وحروبه ونهضته ,حتى الربيع العربي الذي انتشر في البقاع العربية ,كما والثورة المضادة عليه,دليل اكيد على وحدة حال العرب في المد والجزر.

تتوافر الحالة الشابة في الاقليم العربي القادرة على اخراجه من حالة التمزق الراهنة ,حيث لا مخرج لهم من التمزق الراهن الا بتمكين الاجيال الشابة من العمل واعادة الاعتبار لمكانة العروبة مع تمتينها بروح انسانية تهتم بالحقوق والعقل ,وتعتبر الاستقلالية والحرية والبحث عن المشترك توأمين لا يتحقق اي منهما دون الآخر.
العروبة كما يمكن فهمها ,من الصعب فصلها عن الاسلام بقوته التوحيدية ,ولكن بنفس الوقت الاسلام بمعناه المرن تاريخا وحضارة ,بل الاسلام المتعالي على النزاع المذهبي

العروبة لغة ولسان وتاريخ ومجتمعات مرتبطة عضويا بسكان الاقليم ,اكانوا عربا اقحاحا ام يتحدثون العربية ,بينما ينتمون الى هويات اخرى كالاكراد والآشوريين والارمن والشراكسة وغيرهم .
العروبة هي ايضا عروبة اللغة والادب والمعرفة ,وعروبة الامكنة المختلفة التي تتضمن هزائم وانتصارات واماني واحباطات .
هي عروبة القوميات غير العربية في العالم العربي , والعروبة التي خضعت للاستعمار من المحيط للخليج ,وخاضت صراعات طويلة من اجل الاستقلال ,وافرزت شخصيات كجمال عبد الناصر ,وصدام حسين ,وعبد الكريم الخطابي ,وعبد القادر الجزائري ,والثورة العربية الكبرى عام 1916وعشرات غيرهم ,هي ذاتها التي تواجه اليوم اكبر تحدياتها التاريخية .

لقد فتح الاستبداد بابا كبيرا للتطرف وذلك بحكم ان التطرف يتطلب عقولا تشعر بنقص العدالة والحرية ,بينما تتقبل كل فكرة سقطت في الغرب عبر عقود بل قرون من التنمية والصراع ,من اجل الحقوق والحريات والضمانات هو الذي حمى اجيالا عدة من التطرف .

التطرف هو الوجه الآخر الذي يعكس غياب المشروع العربي الناضج والعادل ,القادر على استيعاب طاقات المجتمع العربي وسنن التغيير في صفوفه .
لن يخرج العالم العربي من محنته بلا تطور سياسي جديد ,ودون حركة تشمل كل بقاعه ,فتعظم مضمون الحرية والاستقلال والنزوع نحو بناء واقع مختلف تجاه شعوبه وامتداداته .

الحالة العربية تتطلب حركات عابرة للقارات العربية ,وتكون العروبة وتوأمها الاسلام تقوى بمضمون انساني وحقوقي ومستقبلي ونهضوي لرفع المستوى الثقافي والسياسي والاقتصادي في كل ارجاء الوطن العربي .
د.المهندس سامي الرشيد
dr.sami.alrashid@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :