متى يمكن اعتبار البحث العلمي مؤشراً لتميز الجامعات؟
د.أسمهان ماجد الطاهر
27-04-2016 03:15 AM
ما زالت المؤتمرات العلمية المختلفة تعقد محلياً وعالمياً وتجتهد في سبيل إيجاد حلول للمشاكل المختلفة ساعية لخلق قيمة مضافة لخدمة مجالات الحياة. ويتركز البحث والنقاش في معظم المؤتمرات العلمية حول آلية تطوير الفكر الانساني وكيفية تطوير القطاعات المختلفة.
ان البحث العلمي مرتبط بشكل كبير بمؤسسات التعليم العالي والهدف من ذلك هو اغناء المتعلم وزيادة قدرته على جمع وتحليل وربط المفاهيم ثم الاضافة للعلم والمعرفة. ولطالما تم إعتبار البحث العلمي هو احد أهم سبل تطوير مخرجات التعليم العالي.
وببساطة شديدة وبنظرة عامة لو تم تقييم مستوى البحث عند طلاب الدراسات العليا في مستوى البكالوريوس لتخصصات العلوم الانسانية والعلوم الاقتصادية والادارية والاجتماعية لإكتشفنا أن فكرة البحث غريبة عليهم، وأن الالمام بمنهجية البحث العلمي تتم من خلال مادة تدرس أو اثنتين ويتم التدريس بشكل نظري لا تطبيقي بمعنى لا يكلف الطالب بإنهاء المادة ببحث مكتمل المنهجية.
ولو سألنا الطالب الجامعي عن عدد مرات قيامه بإعداد بحث علمي خلال سنوات دراسته لوجدنا الارقام صادمة، وأن البحث العلمي بالنسبة له لم يأخذ أكثر من جمع معلومات من الانترنت وقصها وجمعها وتركيبها معاً واطلاق عنوان بحث عليها. اما فكرة إضافة فكرة أو اضافة رأي أو تحليل مجموعة من الافكار وربطها ببعض والخروج بشيء منها فهذا نادر الحدوث.
للأسف الشديد لا يقوم الطلاب بعمل ابحاث إلا في القليل النادر واكبر بحث يقوم به الطالب هو بحث تخرجه واحياناً يتم إعداده له دون أن يدري عن البحث إلا العنوان، والمضحك هو اعداد العينات الكبيرة التي يتم فبركتها في الابحاث والدراسات كمجتمع دراسة.
لقد حظيت بالإطلاع على رسالة دكتوراة في احدى الجامعات البريطانية كانت العينة التي تم دراستها مكونة من 13 استبانة فقط لا غير وبما أن الهدف معرفة منهجية البحث العلمي واتمام التحليل من قبل الطالب فلن يضير قلة او كثرة العدد.
نطمح لمخرجات تعليم عال بمستوى متميز برغم أن مؤسسات التعليم والجامعات ما زالت تتبنى أساليب تعليم تقليدية، ولا تركز كما يجب على البحث العلمي، والكارثة الكبرى أن معظم الطلاب قد لا يقوموا بإعداد ابحاث سوى بحث التخرج وبفريق مساعد.
ويزيد الأمر سُوءًا العدد الكبير من الطلاب الذي يكلف بالاشراف عليهم اعضاء الهيئة التدريسية في ابحاث التخرج للبكالوريوس، مما يدعو البعض الى إهمال الكثير من التفاصيل وقد يقتصر دور المشرف على تصيد الاخطاء النحوية او الأملائية في احسن الاحوال.
كم نحن بحاجة الى إعادة النظر بكل تلك الاساليب ، كما أن البحث العلمي لابد أن يولى مزيدا من الاهتمام ويجب تشجيع الطلاب على زيارة المكتبات الجامعية والعامة والاهتمام بالكتب والدراسات الحديثة. للأسف كثير من الطلاب يتخرج من الجامعة وهو لم يزر مكتبة الجامعة بما يزيد عن عدد أصابع اليد ويتضمن ذلك عمل بطاقة المكتبة وبراءة الذمة من المكتبة.
إذا اردنا تطوير وتحسين التعليم علينا إيلاء البحث العلمي مزيدا من الإهتمام وتوضيح مفاهيم التحليل والربط المنطقي بين المفاهيم، وتشجيع البحث التطبيقي ودعم مشاريع التخرج ومحاولة اخراجها الى حيز التطبيق فمعظم مشاريع الاعمال العالمية التي حققت ارباحا طائلة كان مولدها في الجامعات. لا يمكن اعتبار البحث العلمي أخذ وضعه وصورته التي تليق به دون خروج مجموعة من المشاريع والابحاث من جامعاتنا الى سوق الاعمال للتحول الى مشاريع استثمارية مولدة للعائدات المالية عندها فقط نستطيع أن نتحدث عن نضوج وتطور وتميز البحث العلمي ومخرجات التعليم العالي.
الراي