المواجهة الدستورية وحضور العقل
د.مهند مبيضين
26-04-2016 04:29 AM
بعد غدٍ الأربعاء ستكون التعديلات الدستورية أمام مجلس النواب للنقاش والرأي والتصويت. لست خبيراً في القانون، لكن اخصائي القانون الدستوري ومن ابرزهم الفقيه القانوني محمد الحموري وآخرون يرون أن لا لزوم لهذه التعديلات التي تفقد الدستور روحه وتسلخه من مضمونه الذي بني عليه العام 1952.
الخبراء اكثر فهماً من النخب والعامة، ليس بوسعنا تجميل الخطأ أو القول بأن ما يحدث ضرورة تاريخية، ولا مخاوف من الحكومات البرلمانية إن جاءت على صلاحيات الملك، التي ضمنت سابقاً بتعديل سابق فيما يتعلق بتعيينات القادة الأمنيين. باستثناء التعديل المطلوب اليوم على تعيين قائد الدرك.
المقولات كثيرة والآراء التي تصدر عن الحكومة وممثليها في أهمية هذه التعديلات كثيرة، والتي قلنا سابقا أن بعضها جاء للتغطية على ما هو سائد من تعيينات لا تجري إلا بمصادقة جلالة الملك. وهذا صحيح وبما أنها موجودة وسارية فلا اظن أنه مفضل اجراء تعديل لأجلها وحسب.
أما ازداوجية الجنسية فقد يكون هناك مخاوف لدى من يشغلون مناصب عامة اليوم وهم حاملو الجنسية الأجنبية وينكرونها ويتحاشون المستقبل، ويضغطون بتعديل دستوري يجنبهم المسائلة.
وقد مر منذ اقرار التعديلات الدستورية العام 2011 على البلد أن شخصيات احترمت نفسها واعتذرت عن شغل مناصب عليا بسبب حصولها على جنسية أخرى, وقد لاقى الاعتذار ترحيباً واحتراماً لها من الجميع. ولم يحل ذلك دون وجود بدائل.
المشكلة في الاصوات التي تجعل من كل التعديلات ضرورة وطنية، ولكن ماذا نقول للخبراء وأهل العلم الدستوري الذين لا يرونها كذلك؟ ثم لماذا الاكثار من التعديلات الدستورية؟ المسألة ليست رخصة سواقة تصدر كلما ضاعت او فقدت او لم تعد صورة حاملها مرغوبة إليه.
لا حاجة للتعديل الدستوري الذي يبحث عن ايجاد مدخل لحاملي الجنسية الاجنبية، ليس هذا لادانتهم على حق لهم او ظرف قادهم لذلك، وليس هذا سبب لتخوينهم أو نبذهم بل على كل من يحمل جنسية اخرى أن يناهض هذا التعديل لأن المسألة لا تقف مصالح فئات أو افراد بل عند مستقبل بلد وحماية الدستور من التعديلات التي لا لزوم إليها.
التعديلات مثلا التي جرت على الدستور الامريكي عددها منذ عام 1794 وحتى اليوم سبعة وعشرون تعديلاً جلها جاءت
للحفاظ على الحريات وحماية الشعب من تغول الحكومات. هذا للقياس على دولة يسعى الناس للحصول على جنسيتها وهي اكبر الديمقراطيات وليس شرطا أفضلها. لذلك لابد من حضور العقل في النقاش غدا الاربعاء في مجلس النواب وتقدير وجوب حماية الدستور.
الدستور