استوقفني تصريح وزير المالية عمر ملحس عن شروط جديدة لصندوق النقد الدولي لتجديد برنامج تصحيح جديد يحصل الأردن بموجبه على تسهيلات إئتمانية تناهز الملياري دولار.
الشروط تدور حول بندين , الأول خفض المديونية من 93% الى 80% في غضون ستة أشهر وهو ما أقر الوزير بصعوبته , أما الثاني وهو زيادة إيرادات الخزينة وهما شرطان مرتبطان إذ أن يمكن إتمام الأول يعني التعويض عبر إجراءات من بينها إستكمال إزالة الدعم عن سلع مهمة وفرض أو زيادة ضرائب مفروضة.
يعزو الوزير صعوبة تلبية مثل هذه الإشتراطات الى التحديات التي تواجه الاقتصاد الاردني وأهمها تراجع الاستثمارات الاجنبية، وحوالات المغتربين الاردنيين وحركة السياحة وهي التي تشكل موارد مهمة للخزينة.
هذه الشروط مطلوبة ذاتيا , لأن المديونية تجاوزت الحدود والحكومة ذهبت ولا تزال الى برنامج إستدانة موسع , والظروف الإقليمية حيدت أية زيادة متوقعة في الإيرادات القادمة من التدفقات الخارجية وما بقي هو ضرائب جديدة وهو ما لا يحتمل في ظل الظروف ذاتها أيضا , فماذا على الحكومة أن تفعل ؟.
من الملاحظات المهمة على البرنامج السابق إذا كان برنامج التصحيح الاقتصادي و مدته 3 سنوات والذي جاء لمعالجة خسائر شركة الكهرباء الوطنية التي شكلت نحو 5 إلى 6 % من الناتج المحلي الإجمالي أنه لم ينجح في خفض الدين العام الذي زاد بنسبة كبيرة، خلال فترة البرنامج .
إذا قررت الحكومة عدم تلبية إشتراطات الصندوق فهي لن تحصل على تسهيلات إئتمانية جديدة وليس هذا فحسب إذ لن يكون أي برنامج بديل حتى لو كان ذاتيا أقل صعوبة بالنظر الى مجموعة الاصلاحات الاقتصادية والمالية الضرورية وفي مقدمتها هيكل الدعم والتشريعات الاقتصادية التي لا تزال في محل جدل في ظل إرباك يواجه أهم موارد الخزينة من قطاعات السياحة والاستثمار .
السؤال الأهم , كيف سيتمكن الأردن من تلبية شرط خفض المديونية وهو يواجه بسيل من عروض الإستدانة وإغراءات بالدعم لمواجهة الظروف الإقليمية وملف اللاجئين بدلا من فتح باب المنح , اخرهذه الديون تحت عنوان ميسر تمثل في قرض البنك الدولي بقيمة 100 مليون دولار وسيحصل على قرض سياسة تنمية ثان ميسر بقيمة 250 مليون دولار وعلى برنامج تنفيذ مؤتمر لندن بقيمة 300-400 مليون دولار وهي قروض ميسرة أيضا !.
بقي أن الإيرادات التي قدرتها موازنة 2016 فيها مبالغة ومن ذلك تقديرات نسبة النمو الإقتصادي , وهو ما أشار اليه صندوق النقد بوضوح ضمن ملاحظات جولة المفاوضات الأخيرة , وهو ما يؤشر بوضوح على أن زيادة الإيرادات لتصل الى مستوى التقديرات أو تتجاوزها يقع ضمن خيارين إما الإستدانة للتعويض أو البحث عن مصادر لإيرادات جديدة مثل الضرائب أو الرسوم على الشركات .
الرأي