تداولت الميديا مصطلح الدولة الفاشلة خلال العقدين الماضيين على نحو واسع، وقد يكون تعريف تشومسكي للدولة الفاشلة في الكتاب الذي اصدره قبل عشرة اعوام هو الأدق من تعريفات سياسية تلعب الرّغائب والنوايا فيها دورا يضاعف من الالتباس!
ومقابل ذلك العدد الكبير من الدراسات والكتب التي تحدث مؤلفوها عن مفهوم الدولة الفاشلة نادرا ما نجد كتابات تتحدث عن المجتمعات الفاشلة، والتي يتلخص فشلها في العجز عن الصهر والدمج، وفي عسر الهضم الديموغرافي.
المجتمع الفاشل هو الذي يتطور من سطحه فقط، وتبدو حداثته كما لو انها للعرض فقط، بحيث يبقى المضمون على ما هو عليه وبنيته نسيج غير متجانس، وخطورة الفشل الاجتماعي تشمل كل ميادين الحياة، وفي مقدمتها الثقافة لأن غياب التجانس والبوتقة الصاهرة يجعل الافراد اكثر عزلة وتباعدا ويكون لكل فرد احلامه الخاصة بل ليله الشخصي حتى في عز الظهيرة.
وقد تكون المقاربات حول الدولة الفاشلة أسهل من تلك التي تتناول مجتمعات فاشلة، لأن ما يتعلق بالدولة يذهب بنا على الفور الى الاقتصاد، والاستقرار والسيادة، بينما تتطلب المقاربات الاجتماعية مجالات معرفية متعددة تبدأ من نمط الانتاج السائد ومجمل الاعراف والتقاليد لكنها لا تنتهي عند هذا الحد، وتشمل التكوين النفسي والتربويات ومنظومة القيم التي يحتكم اليها في اللحظة الحرجة والحاسمة، ولعلّ المثل الفرنسي القائل اذا قشرت الفسيفساء اتضح تحتها الجص والطين يعبّر عما اريد قوله في هذا السياق، ولدينا في العالم العربي مثل مرادف له : تحت الرخام سخام!
الفشل في بعده الاجتماعي هو نتاج ثقافة تعاني من ازدواجية تنعكس وتتجلى في انماط سلوك الافراد.
حبذا لو تحظى المجتمعات الفاشلة بواحد بالالف مما يُكتب هذه الايام عن الدولة الفاشلة!
الدستور