ازدواجية الجنسية،،، وعلامات الاستفهام
د. بلال السكارنه العبادي
24-04-2016 12:21 PM
إن المتابع لمشهد التعديلات الدستورية الأخيرة المقترحة، يرى الاستغراب فيما يتعلق بموضوع إجراء التعديل في الدستور من اجل السماح لمتعددي الجنسية تقلد المناصب العليا كالوزارة او النيابة وغيرها، وبالرغم المبرر لذلك كما سمعنا إن هنالك الكثير من الكفاءات الوطنية يقف الدستور حائلاً دون تولي أي من ذوي الجنسيات المتعددة مناصب تليق بهم لتقديم خدمات للوطن، وكأن الوطن لا تسير مواكبه وانجازاته إلا ببعض الأشخاص ؟!
وعلى الرغم إن الدول على اختلاف قوانينها تتفق جميعها على أهمية الحد من ظاهرة تعدد الجنسية، هذه الظاهرة التي قد تنشأ نتيجة اختلاف الدول في أسس فرض جنسيتها على أفرادها من ناحية، أو نتيجة اختلاف تشريعات الدول بشأن الجنسية المكتسبة التي يكتسبها الفرد لاحقا على ميلاده بحكم تجنسه بجنسية دولة ما بسبب الزواج المختلط أو بسبب التبعية نتيجة صغر السن، من ناحية أخرى, مما يؤدي إلى نشوء حالات من ازدواج الجنسية بين الأفراد، لكن الذي لا خلاف عليه بين جميع الدول هو أنها تسعى دائما إلى مكافحـــة هذه الظاهرة، لما قد يتعرض له الشخص الذي يحمل جنسية أكثر من دولة من مشاكل جمة في الحياة العملية والنواحي القانونية، كذلك ما قد تتعرض له الدولة من إضرار ومساوئ نتيجة وجود هؤلاء الأشخاص الذين يحملون أكثر من جنسية على أرضها.
من هنا عملت معظم تشريعات الجنسية في دول العالم على محاربة هذه الظاهرة والحد منها قدر الإمكان، تطبيقا لما نصت عليه معاهدة لاهاي ( 12 نيسان 1930 ) من أنه : " من الصالح العام للجماعة الدولية قبول أعضائها مبدأ أن تكون لكل شخص جنسية، وألا تكون له إلا جنسية واحدة، وأن المثل الأعلى الذي يجب أن تنشده الإنسانية في هذا الميدان هو إلغاء جميع حالات انعدام و ازدواج الجنسية "، وكذلك ما جاء في المعاهدة الدولية لحقوق الإنسان المدنية والسياسية لعام 1966 من أنه: " لكل شخص الحق في التمتع بجنسيــة واحدة، أي أن لا يكون لكل شخص أكثر من جنسيـــة واحدة حتى لا يقع في ازدواج أو تعدد الجنسية .
فمن منطق الأمور أن من سعى للحصول على جنسية أخرى غير الجنسية الأردنية سواء للزواج او التعليم أو الاستفادة من منحة معينة وتحققت له هذه المكاسب التي سعى إليها ليكتفي بها، وخاصة أن القانون الأردني يسمح لمواطنيه الحصول على جنسية أجنبية أخرى لتحقيق الغاية من امتلاك هذه الجنسية، ونتمنى أن لا يتم التعامل مع الوطن كالبقرة الحلوب إذا جفت منابعه لهثنا نسعى للآخرين للارتواء، فالجنسية ليست جواز سفر والانتماء للوطن لا يكون من خلال هذه الوثيقة فقط فمن لم يفكر يوماً أن جواز السفر الأردني لن يخدمه فكيف لنا أن نرضى به ان يتولى مناصب قيادية .
ولذا وبما أننا في مرحلة الإجراءات التشريعية لإقرار هذه التعديلات الدستورية من قبل مجلس النواب والأعيان، فإننا نتمنى على المشرع الأردني أن يتمهل أمام هذه الحالة وان لا يقر التعديل الدستوري المتعلق بالسماح لمتعددي الجنسية بتقلد أي من المناصب العليا .
bsakarneh@yahoo.com