الإخوان المسلمون و و هم الاعتدال
بلال حسن التل
24-04-2016 03:52 AM
بددنا في المقال السابق وهما من الأوهام التي يعيشها بعض الأخوان المسلمين، و يحاولون نشرها، و خلاصته أن الأخوان المسلمين هم من حمى الدولة الأردنية و أعطاها الشرعية، و في هذا المقال سنناقش وهما اخر من الأوهام التي يعيشها هذا البعض، و هو وهم أن الأخوان المسلمين هم الذين حموا الأردن عموما، و شبابه على وجه الخصوص من التطرف، في وهم آخر من الأوهام التي يسعون إلى ترويجها متناسيا أن الاعتدال و نبذ العنف سمة من سمات المجتمع الأردني بكل ألوانه و أطيافه، و هي سمة غذاها النظام السياسي الأردني، الذي رفض اللجوء إلى الدم حتى مع خصومه السياسيين، بدليل أن سياسيا واحدا لم يعدم في الأردن لأرائه السياسية، كما قلنا في المقال السابق.
إن الأدلة كثيرة على أن طبيعة الأردنيين و مجتمعهم ترفض العنف و التطرف، و هي صفة أصلية في المجتمع الأردني سبقت نشوء الأخوان المسلمين، و لعلها الصفة التي حالت بين الإخوان المسلمين و بين اللجوء إلى العنف في الأردن عند إنقلابهم على الدولة الأردنية في السنوات الأخيرة. ففي إطار رفض المجتمع الأردني للعنف كانت هبته خلال السنوات الماضية لوقف بعض مظاهر العنف التي ظهرت أعراضها في بعض المناسبات بما عرف « بالعنف المجتمعي»، الذي لا يتناسب مع طبيعة الأردنيين المسالمة ما لم تمس كرامتهم، و هذه الطبيعة المعتدلة للأردنيين هي التي حمت مجتمعهم عموما، و شبابهم على وجه الخصوص من العنف و التطرف، و ليس الأخوان المسلمين الذين كثيرا ما لجأوا إلى العنف منذ بداياتهم الأولى و تأسيسهم للجهاز الخاص للجماعة، و الذي أوغل في دم المصريين، حتى أضطر مؤسس الجماعة و مرشدها الأول الإمام الشهيد حسن البنا إلى إصدار بيانه الشهير «ليسوا إخوانا و ليسوا مسلمين» استنكارا للعنف الذي مارسه الجهاز الخاص، الذي أدى عنفه فيما بعد إلى اغتيال الإمام البنا نفسه، في عمليات التصفية المتبادلة بين الحكومة و الجماعة في مصر، و أشهرها عمليات اغتيال الخزندار و النقراشي و غيرهما، و هنا نستطيع القول أن الأخوان المسلمين هم من أوائل من فكر باستخدام السيارات المفخخة في اغتيال خصومهم، كما فعلوا و هم يخططون لاغتيال رئيس وزراء مصر إبراهيم عبد الهادي، و هم من أوائل الذين لم يهتموا بسقوط أبرياء أثناء تنفيذهم لعملياتهم العنيفة كما وقع في حادثة حامد جودة رئيس مجلس النواب المصري في عهد الملك فاروق.
مبكرا صار العنف سمة للإخوان المسلمين الذين خرجت من عباءتهم الكثير من التنظيمات المتطرفة و التكفيرية كجماعة التكفير و الهجرة في مصر. بل إن الوثائق تقول أن الكثير من زعماء و مؤسسي منظمات العنف هم من جذور إخوانية، كأسامة بن لادن زعيم القاعدة، و أبو بكر البغدادي زعيم داعش، بعد أن صارت التربية على العزلة عن المجتمع باعتباره مجتمعا جاهليا جزءاً من المناهج التربوية للإخوان المسلمين، فلجأ شبابهم إلى العنف في أكثر من بلد من بينها سوريا، و ما حدث في حماة على سبيل المثال و تشريد الالاف من أبناء سوريا داخل و خارج وطنهم بسبب لجوء فصيل من فصائل الإخوان هناك إلى العنف دليل صارخ على أن العنف كان و ما زال جزءا من سلوك الإخوان المسلمين الذين يلجأون إليه حسب مقتضى الحال. إننا هنا لا نبرر تصرف هذا الفريق أو ذاك من فرقاء الصراعات التي دخل فيها الإخوان المسلمون و لكننا نورد هذه الأمثلة لنفند وهما من أوهام بعض الأخوان المسلمين في الأردن، من أنهم هم الذين حموا الأردن من العنف و التطرف، فنقول لهم أن تصرفات الأخوان ليست هي التي تحدد طبيعة المجتمع الذي يعيشون فيه، بدليل أنهم استخدموا العنف في الكثير من البلدان عندما اتيحت لهم الفرصة، التي لم يوفرها لهم المجتمع الأردني و نظامه السياسي، الذي اتصف و ما زال بالاعتدال و الوسطية و التسامح، و هي صفات لا يستطيع الأخوان معها تبرير لجوئهم إلى العنف، مثلما لا يمكننا القبول بقولهم أنهم من حمى الأردن من هذا العنف، و إلا لما استخدموه في مصر و سوريا و غيرهما، و لوحوا باستخدامه في الأردن أكثر من مرة، من ذلك ما كشف عن تدريبهم لعناصرهم على استخدام الأسلحة، و من ذلك عرضهم العسكري في إحد إحتفالاتهم فيما فسر بأنه تلويح باستخدام العنف ضد الدولة الأردنية، وهو العرض الذي قوبل باستهجان كبير، و بردود فعل غاضبة و مستنكرة من مختلف شرائح المجتمع الأردني، الذي يرفض التلويح باستخدام العنف كأداة من أدوات العلاقة بين مكوناته المختلفة، و لذلك فإنه يقابل باستهجان كل تصريحات بعض المحسوبين على مجموعة التنظيم السري التي تحمل تهديدا مبطنا للدولة الأردنية و تصريحا علنيا بأنه ليس أمام الشباب الأردني إلا العنف أو الإرتماء في أحضان الإخوان المسلمين، و يتناسى هؤلاء حواضن الإعتدال الأخرى التي يوفرها المجتمع الأردني لشبابه، لكنه الوهم الذي عشش في أذهان بعض الإخوان المسلمين، فجعلهم يتوهمون أنهم هم الذين يرسمون صورة المجتمع الأردني و يحددون هويته.
الراي