كثير من الناس لا يحبذ الازدواجية في اي شيء ولا يستسيغها وانا منهم، سواء الازدواج في الشخصية أو المعايير أو العقيدة أو الرؤيا أو التفكير أو الولاء ... أو الجنسية وهي موضوعنا الذي يطبخ الان على نار متقدة ...
كل الازدواجيات المذكورة تنبع من تضارب داخل النفس اوالعقل أوالمصالح ..وقد تفسر بانها امراض اجتماعية بسبب مضاعفاتها او تاثيراتها السلبية الجانبية التي تشمل الفرد والمجتمع .. وقد تتداخل مع ما يسمى النفاق الاجتماعي او التحايل والخداع او الدبلوماسية ،او عدم الثقة بالمتاح، أو بما يحمل الفرد من فكر او مباديء او قيم، وقد تنتج عن عدم وضوح في الرؤيا او نتيجة عدم التيقن لدى حاملها ليرسي على قرار، اوبسبب الخوف من المجهول وتوفير البديل المقابل،من باب التحيط والحذر، فيقحم البعض نفسه في تناقضات تتعارض مع مبادئه وقيمه ومفاهيمه لتحقيق مصالح وغايات مادية .. والا ما الداعي للازدواج فيما لا يجوز ولا يستساغ الازدواج فيه.
كل ما ذكرت من سلوكيات متناقضة ومزدوجة مع الذات الداخلية اوالمظهر الخارجي التي يمارسها البعض قد تنم عن شخصية غير مستقرة ومضطربة اما نفسيا او عقليا او اجتماعيا . والنتيجة المتوقعة من هؤلاء ازاء اي فعل يتعلق بالشيء المزدوج لديهم، ان ينشأ عنه ردود فعل مزدوجة ، وحالة من التناقض الآني في التصرف بإتجاه هدف واحد أو عدة أهداف.
فصاحب المعايير المزدوجة سيكيل بمعيارين متناقضين امام قضية واحدة،وصاحب العقيدة المزدوجة سيؤدي صلاتين لإلاهين متناقضين ، وصاحب التفكير المزدوج كل ساعة هو في شان، فهو يتناقض بين الفكر والممارسة، أي بين نمط التفكير المعلن لديه وبين سلوكه العملي، فليس لديه فكر متزن ولا فكرة ثابتة،وسلوكه وفعله مغاير لما يقول، وهذا ينطوي ايضا على صاحب الولاء المزدوج لدولتين أو لشخصين متعاكسين متضادين وقد قيل (لا يمكن لشخص ان يخدم سيدين بلحظة واحدة ) وهذا ما يتعرض له مزدوج الجنسية.
وقد قدرَت وتوقعَت كثير من الدول للمشكلات التي تواجهها وتواجه متعدد الجنسية، فشرعت قوانينها لمحاربة هذه الحالة، وقد نصت معاهدة لاهاي (1930 ) على أنه : " من الصالح العام للجماعة الدولية قبول أعضائها مبدأ أن تكون لكل شخص جنسية ، وألا تكون له إلا جنسية واحدة.كذلك اكدت المعاهدة الدولية لحقوق الانسان المدنية والسياسية لعام 1966 من أنه : " لكل شخص الحق في التمتع بجنسيــة واحدة ، أي أن لا يكون لكل شخص أكثر من جنسيـــة واحدة حتى لا يقع في ازدواج أو تعدد الجنسية" والسبب هو تعدد الآثار السلبية على حياة الأفراد والدول والعلاقات بينها ،فهي تحد من حقوق وواجبات متعدد الجنسية، فقد يحول التعدد دون ان يكون المعدد سفيرا لدولته في الدولة الاخرى ، وكذلك أن وجود جنسيتين أو أكثر للشخص يرتب عليه التزامات في مواجهة هذه الدول، كأداء الخدمة العسكرية في كل دولة من الدول التي يحمل جنسيتها وأداء الضرائب لكليهما، كما يعاني متعدد الجنسية من صعوبة تحديد الولاء لدولة معينة، وإذا نشبت حرب بين دولتين يحمل الشخص جنسية كل منهما فإن وقوفه في الحرب لجانب أي من هاتين الدولتين يشكل ارتكابه لجريمة الخيانة العظمى بالنسبة للدولة الأخرى التي يحمل جنسيتها، لذلك تحاول كثير من الدول محاربة حالة تعدد الجنسية .
ومن المشاكل الأخرى صعوبة تحديد المركز القانوني للشخص، أي اختيار القانون الذي يحكم المسائل المتعلقة بالحالة والأهلية والجرائم المالية والاجتماعية فكثير من الجرائم التي يرتكبها الفرد في دول لا تعتبر جريمة عند اخرى، وعلى الصعيد الدولي يجب ان توفر هذه الدول الحماية الدبلوماسية لرعاياها الذين يحملون جنسيتها فقد يقوم متعدد الجنسية بارتكاب اي جريمة سواء كانت مالية او اخلاقية او اجتماعية او سياسية او ادارية ويفر للبلد الاخر فيتمتع بحق حماية الدولة الاخرى مما يؤدي للنزاع والحساسيات الدولية ويعطي الحصانة للمعدد والجرأة في التطاول والتقاوي على احد البلدين وبالطبع البلد الاضعف.
نحن لسنا مع التعدد والازدواجية في اي شيء، حيث تنتفي العدالة والنزاهة والولاء به..فهذه الصفات لا تُجزأ ولا تقبل القسمة على اثنين، وينتفي مع التعدد الاستقرار والثبات النفسي الفردي والمجتمعي، ولا يجوز بالطبع أن نولي متعدد الجنسية الولاية العامة ولا الوظيفة العامة مهما يكن حجمها، لانه يفتقد الاستقلال والاستقرار المطلق المكاني الولاء المطلق للوطن والامة.