مفســـدة المــال والســلطــةعمر كلاب
23-04-2016 03:22 AM
يرتاب الاردنيون عادة في التعيينات الحكومية وتزداد الريبة اكثر اذا ما طالت التعيينات احد ابناء الذوات المسؤولين، ويمتلك كل اردني قصة ورواية عن الية التعيين التي طالها الكثير من الريبة وانعدام الثقة وقدمت الحكومات بمجملها كل موجبات الشك في التعيينات بشكل ظلم كثير من المعينيين وكشف سلبيات تعيين آخرين كل كفائتهم محصورة في اسم الأب او الجد على ابعد تقدير، وللانصاف فإن اكثر ابناء المسؤولين تلقوا تعليما جيدا وحصلوا على شهادات من ارفع الجامعات واعلاها نسبا اكاديميا، وللانصاف اكثر فإن تعليم معظمهم ان لم يكن كلهم كان على حساب الدولة وهذا اول انعدام للعدالة واول موجبات الشك في التعيين خاصة بعد ارتفاع كلفة التعليم العالي في الاردن الى حدود غير محمولة قياسا بالمستوى المحلي للدخل؛ ما افرز غصة التوريث المناصبي . القطاع الخاص بدوره لم يسلم من هذه الآفة، فهو قام بالتعيين على اسس مصلحية تعتمد على منصب والد الشاب المُعين وحجم تأثيره ونفوذه قبل النظر في الكفاءة والشهادة التي كانت آخر سلم الاختيار وليست اوله، وكانت الشهادة الرفيعة مبررا للاجابة السهلة عن اسباب التعيين، فمثلا ما هي الفائدة المرجوة من تعيين شباب بعمر الورد في مناصب خدمية رفيعة او علاقات عامة وهم لا يعرفون بنية المجتمع ولغته ولم يسبق لاقدامهم ان داست ارض المناطق المعنيون بخدمتها والعمل بها، فما ان تسأل مسؤولا عن سبب تعيين ابن فلان حتى يقول “ يا اخي خريج جامعة كذا المحترمة “ ويمسك عن الاجابة عن جدوى اسم الجامعة طالما ان الوظيفة تتطلب معرفة بالواقع المحلي وليس بغيرها، ولعل تعيينات المؤسسات المستقلة والمناطق التنموية مثال على ذلك حيث لم تحقق اية مؤسسة او منطقة موجبات البقاء . القطاع الخاص او المستثمرين الجدد يحتاجون الى النجاح السريع فيلجأون الى ابناء الذوات او الى الذوات انفسهم اما على شكل مستشارين او رؤساء واعضاء مجلس ادارات، وسبق لوزير عامل ان همس في جلسة خاصة ان ابن شخصية مسؤولة تعمل الان بسمعة ومنصب والدها وان الابن اساء لابيه ولكنه يعزو ذلك الى سطوة المال ورغبته في الربح السريع دون ان يتعرض الى حجم الفساد الاداري الذي يمنح ابن المسؤول قوة ونفوذ منصب والده، فرأس المال كما اسلفنا يبحث عن سرعة الانجاز وهذه يحققها ابن المسؤول او المسؤول السابق، ولو سادت العدالة في الاجراءات لما رأينا كثيرا منهم في مواقعهم ولما رأيناهم بهذا الجبروت والطغيان، فالسلطة الجائرة والعدالة المقلوبة هي التي منحتهم الفرصة وليس الكفاءة او الجامعة العريقة بدليل ان اقرانهم من ابناء المسؤولين في غير المواقع النافذة وهم كفاءات بالمناسبة يعملون في رتب ادنى محليا او في مواقع ورواتب مميزة في الخارج وخاصة الخليج العربي . ابرز اسباب نجاح المؤسسة العسكرية وحصولها على ثقة الشارع الاردني ومحبته واحترامه انها لم تنتج ظاهرة ابناء الذوات ولم تسمح بذلك ولم تنتج قططا سمانا كما في المؤسسات العسكرية العربية عموما، وعلى المؤسسات السياسية والخدمية ان تتعلم من التجربة العسكرية وان تحاكيها، وقبل ان يطلق المسؤول حكمه ومواعظه للشارع الشعبي عليه ان يمارس مواعظه داخل اسرته فيسأل نفسه عن مهارة فلذة كبده وثرائه الفاحش ( الابن ) في سنوات خدمة الوالد، وعلى الدولة بكل اركانها ان تنتبه الى هذا الخطر فكل الدول الفاشلة او التي تسير نحو الفشل انتجت طبقة ابناء الذوات او طبقة اصحاب النفوذ سواء على شكل حزب حاكم او حلف صامت، فالحالة لا تستوعب ازمات جديدة يكون عنوانها ابن فلان او تجمع ابناء المسؤولين ليكونوا عنوانا لحراك جديد .
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة