المفرق والكرك .. هل هو "بالون اختبار"؟
فارس الحباشنة
22-04-2016 09:14 PM
خرج الحراك الشعبي في المفرق والكرك اليوم الجمعة احتجاجا على مشروع التعديل الدستوري، المحتجون حملوا شعارات تطالب النواب برد مشروع التعديلات الدستورية، معتبرين ان تلك التعديلات تشكل تراجعا امام الارادة الشعبية التي كانت احدى ثمرات الحراك الشعبي والتي منعت ازدواج الجنسية".
عودة الاحتجاج الحراكي الشعبي والشبابي، وكما يبدو فانها غير متوقعة وصادمة ربما لدوائر السلطة "الرسمية" نفسها، فقبل سنوات كان من الممكن ان تتحول محافظات المملكة في يوم الجمعة الى ساحات تشتعل بالاحتجاج السياسي والمطالبي الغاضب.
الاحتجاج أعاد أنفاس الحياة الى المشهد السياسي العام الذي يعاني من تصحر وجمود، عاد النشاط السياسي ليكون من "الاسفل" وتحديدا من الدواوير والساحات العامة والشوارع، بعد أن ساد بالاعوام الاخيرة خوف وصمت وجفاف، نسي "ضم النون" خلالها أن ثمة حقوقاً ومكاسب وطنية انتزعها الشعب بإرادته الحرة، ومنها منع "ازدواجية الجنسية" واخرى.
الحراك من الممكن أن يعود من شقوق أحدثتها الحكومة وتركزت على تمويت السياسة وفض نزاعتها مع الفرقاء بالذعر والتخويف والترعيب..
المطالبة بالتراجع عن التعديلات الدستورية الاخيرة ليس هو العنوان الوحيد، فالجسد الضخم لـ"سيستيم" مليء بشروخ ورضات وخربشات من الممكن أن يتحول بأي لحظة الى عناوين عريضة يعج بها الشارع الاردني.
ولا يمكن بأي طريقة فصل ما يجري في "الاسفل" عما يحصل في "مراكز السلطة".. الشارع الاردني مرتبك وخائف وغاضب، ويعاني من احتقان سياسي واقتصادي ومعيشي "مرئي"، ولم يعد ممكناً التفكير باي مسألة وطنية بعيدا عن تلك الوقائع والحثيثات.. هي صورة واضحة وجلية لجانب من الحقيقة.
وهي الصيغ الاحتجاجية: الغاضبة والرافضة ذاتها التي فجرت الشارع الاردني قبل اعوام، الوصفة السحرية التي اطفأت غضب الاردنيين يبدو أن مفاعيلها قد انتهت أو انها لم تعد صالحة للاستعمال والتوظيف، في بلد كثير من اهل السلطة به تناسوا أن ثمة أشياء كثيرة مازالت تئن في وجدان الاردنيين خوفا على وطنهم من المستقبل.
هذا السر السحري لـ"شهور العسل" يبدو انه يواجه اليوم صحوة المجتمع، الذي ظل طوال الاعوام الماضية نائما في غيبوبة تحت تخدير صمت رهيب، قوة المجتمع تعود ببطء ومعاناة، ولكنها بدأت فعلا، لا يمكن المرور امام ما جرى اليوم في المفرق دون ربط اشاراته المتعددة بالمجال العام المتخم بالغضب والخوف والرفض.
"قوة المجتمع " بالطبع تغضب كثيرين و تثير فزعهم ، وما تحقق من اصلاح وطني على عدة صعد ، لم يكن طوعا بل أنه مر تحت تأثير الضغط الشعبي، والتاريخ القريب شاهد لأسقاط حكومات وحل مجالس نواب ، وفتح ملفات فساد كبرى و محاكمة فاسدين وغيرها . وان لم يكتمل مسار التحقيق القضائي والرقابي بها، الا أن اسرارها انفضحت .
عودة الحراك من المفرق والكرك تفتح اكثر من سؤال عن امكانية عودة القوى السياسية والشعبية لايقاظ الصعود بهوامش مطلبية خسرها المجتمع خلال الاعوام الماضية؟ فهل تعود حركة السياسة في البلاد من أسفل الى أعلى عكس ما هو جار الان من طبخ لسياسات وتشريعات وقرارات؟