مؤشرات للانفاق الاستهلاكي
محمد عاكف الزعبي
18-04-2016 07:08 PM
يعتبر الانفاق الاستهلاكي اهم محرك في ماكينة النمو الاقتصادي، وهو ايضا المرآة التي تعكس ثقة المستهلكين بمستقبل الاقتصاد. لذا، يولي الاقتصاديون والمستثمرون حول العالم مؤشرات الانفاق الاستهلاكي اهتماما كبيرا، ويستخدمونها في بناء تنبؤاتهم وقراراتهم الاقتصادية والاستثمارية على اختلافها.
على الصعيد المحلي، يستطيع الباحث ان يلمس نقصا في مؤشرات الانفاق الاستهلاكي. هذا النقص يدفع الباحثين والاقتصاديين الى استخدام ارقام ضريبة المبيعات، التي تصدر عن وزارة المالية في نشرتها الشهرية، كبديل لها. وهي بديل جيد لكنها تعاني –كمؤشر- من نقطة ضعف جوهرية يصعب القفز عنها وهي ان الضريبة التي ترد الى الحكومة، في فترة ما، لا تعبر عن حجم الاستهلاك خلال ذات الفترة، والسبب ان ضريبة المبيعات ترد الى الحكومة في المراحل الاولى من سلسلة التوريد (يتحملها الممستهلك لكن
اما مؤشرات التضخم المستخدمة عالميا للاستدلال على حجم الاستهلاك فلا يمكن استخدامها في الاردن، لان السوق المحلي لا يصنع تضخمه بنفسه بل يستورده من الخارج.
لذا، يبدو من الضروري البحث عن مؤشرات فعالة ودقيقة للانفاق الاستهلاكي. احد المؤشرات المقترحة هنا هي مسحوبات اجهزة الصراف الالي ونقاط البيع (Point of Sale)، التي يمكن للبنك المركزي ان يجمعها من البنوك ومشغلي نقاط البيع وان يضيفها الى مجموعة الارقام التي ينشرها بشكل شهري.
يمتاز المؤشر المقترح بسهولة جمعه واحتسابه وايضا معالجته لسلبيات ضريبة المبيعات المتعلقة بالفارق الزمني بين دفع الضريبة والانفاق الفعلي. كما يمتاز بعدم خضوعه، بخلاف ضريبة المبيعات، للمراجعة واعادة التقدير بسبب التسويات والمقاصات الضريبية.
قد يجادل البعض بان عددا من المستهلكين لا يستخدمون اجهزة الصراف الالي او حتى لا يملكون حسابات بنكية. حتى لو سلمنا، جدلا، بصحة هذه الفرضية فانها لاتفسد المؤشر المقترح لان المهم ليس شمولية المؤشر بل قوته التاشيرية وقدرته على التقاط اي تغير في حجم الاستهلاك او انماطه.
سوف يساعد المؤشر الشهري لمسحوبات اجهزة الصراف الالي ونقاط البيع صانع القرار الاقتصادي في رصد المشكلات والتعامل معها قبل تفاقمها، حيث سيمكنه، مثلا، من استشعار اي تباطؤ في النشاط الاقتصادي من دون الحاجة لانتظار ارقام النمو الاقتصادي التي تصدر بشكل ربع سنوي وبعد ثلاثة اشهر من انتهاء الربع المعني. فضلا عن انه سيساعد القطاع الخاص، وتحديدا قطاع التجزئة، على بناء فهم اكبر لمحركات السوق وديناميكياته وسيوفر له نقطة مرجعية لقياس ادائه ومقارنته بالسوق، ناهيك عن فوائده للمستثمرين والمحللين الماليين والاقتصاديين.