اشغل الشباب انفسهم دفاعاً عن «ارض مصر وعرضها» في جزيرتي خليج العقبة, وكانوا اشبه ببني اسرائيل في تيههم التاريخي اذ اقاموا تمثال الثور الفرعوني انوبيس من تمر سيناء.. ثم اكلوه.
اثارت بقايا معارضة الاخوان, وبقايا 6 اكتوبر – والاثنان حالة اميركية – قضية مشروع الجسر بين مصر والسعودية, وكأننا امام نوع من مسرح اللامعقول.
فهناك من يقول بأعلى صوت: صك ملكية الجزيرتين مكتوب بدم الذين حرروهما. والتاريخ يعلمنا أن أحداً من جنود مصر لم يكن فيهما لا في عام 1956, ولا عام 1967, ولا عام 1973. ولم يحرق أحد دمه في الدفاع عنهما او تحريرهما.
وهناك من يضحك على نفسه بتاريخ عام 1906 وذلك العام لم تكن هناك مملكة عربية سعودية. ولم يكن هناك جيش مصري في سيناء كلها.
لقد مر على مضيق العقبة احداث لم يكن هناك من يصدر صكوك ملكية فيها. فبعد احتلاله مرتين من قبل اسرائيل.. صارت معارك على قناة السويس وانسحب الاحتلال منه بالتفاوض في 101, وفي جولات المبعوثين الدوليين، وجولات كيسنجر المكوكية والكلام الكبير عن الدم والاستشهاد وارد في كل شبر.. لكن ليس على هاتين الجزيرتين، وحين انسحاب اسرائيل تم تحديد المياه الاقليمية في مدخل الخليج فاعيدت الجزيرتان الى السعودية لانهما الاقرب الى الارض السعودية، وتم تبادل اوراق الاتفاق ووضع نسخة في ارشيف الامم المتحدة.
والان تريد حكومتا مصر والسعودية اقامة جسر يربط بينهما، كلفته خمسة مليارات دولار، وستقيمه شركة مصرية–سعودية تسترد نفقاته من مرور الشاحنات والسيارات والقطارات عليه، وسيعتمد الجسر على ارض الجزيرتين فأين المشكل؟ اين الارض والعرض في تواصل الامة بين آسيا وافريقيا؟ ولماذا كلما قرر العرب تحصين وطنهم خرج عليهم من يدعي الحمية والوطنية لتخريب الحصون وفتحها امام العدو؟
ترى لو ان الجسر المنوي اقامته كان موجودا عام 1973، أليس من الممكن تقديم دعم لجيش
مصر عبرة. فالذين «فقدوا» الارض والعرض لا يعرفون أن الكويتيين والمغاربة والفلسطينيين قاتلوا مع اخوانهم عرب مصر.. ولم يذكرهم أحد مجرد ذكر في مهرجانات النصر؟؟
من المعيب أن يصوّر, ولو عشرة مصريين في الشارع, مبادرة العاهل السعودي.. وكأنها اغتصاب لارض مصرية. ومن المعيب اكثر ان «تتبحبح» اذاعة لندن في «نقل وجهات النظر» بين مصريين مع وضع الجسر العربي.
لا أحد في مصر أو السعودية يهتم لمثل هذا التشويش لانه معروف. المصدر والغاية. فنحن نعيش عصر اللامعقول..
الراي