مكتوب في روزنامة السعادة أن الأشياء الجميلة غالباً ما تنتهي قبل ان تبدأ...
* * *
«الربيع» هدنة بين قوتين عظيمتين ،وفسحة بين حصتين ممّلتين ، وهو منطقة عازلة تستقبل اللاجئين من البرد والنازحين من الحرّ...هو استراحة زمنية لتبدل الفراشات أجنحتها ،ويتموضع الزهر فوق رؤوس الأغصان من جديد ، وفيه يتم إسعاف الجرحى من أزرار الورد الذي قصفته الريح ذات ليلة ، وهو فرصة لأن تعود العصافير الى أعشاشها سالمة بعد ان نفّذت طلعات جوية ناجحة فوق السهول الخضراء القريبة...وهو الشهر الرابع في حمل الأرض الذي لا يجزم فيه «أنوثة» الحنطة من «ذكورة» الشعير النابتة للتو من كفّ الحرث..
* * *
ربيع هذا العام كان تائهاً مختطفاً ، لم يحفظ حياديته كخط فاصل بين طقسين متناقضين ، لم يدرك أهميته كــ»غرينتش» يقسم شقي المزاج ويمايز بين تواقيت الفرح المنعقد على الشفاه الرقيقة ، كان «ربيع» هذا العام مشتت الولاء تارة ينحاز للشتاء وتارة يتقمّص دور الصيف ، فأضاع محبيه وضيّعهم ...لم يحدد موقفه منذ البداية أمام الفصلين المتناحرين كشهر منفصل ، بكيان منفصل ، ولم يعلن انه «معسكر» مستقل جيشه جحافل من سنابل ، طائراته «سنونو» ، بنادقه من زنابقه ، رايته زرقة السماء ، ليس لديه أقمار اصطناعية للتجسس لديه قمر طبيعي للمكاشفة فقط ...كان على جاريه الكبيرين ان يحترما خصوصيته كوطن أصلي للفراشات قائم على العدل في حرارته و المساواة بين الليل والنهار،واحترام دستوره «الأخضر» ..كان عليه ان يفعل ذلك بكل ما يملك من لطف ووضوح في اللقاءات الثنائية بين الفصول لكنه للأسف لم يفعل..فقد باع دفئه بغيمة ماطرة «فحسبوه» على الشتاء، ثم عاد وتنازل عن رطوبته بموجة حر قائظة فحسبوه على معسكر «الصيف»...
* * *
ربيع هذا العام ، ربيع مختطف يشبه الى حد كبير «الربيع العربي»، عندما تردد ان يعلن عن نفسه ربيعاً حقيقياً له ملامحه وتقاسيمه كما ولدته امه الحرية ام الفصول كلها..تقاسم ضعفه «شتاء» روسيا و»صيف»امريكا...فصرنا نمشي وشمسيات الصدمة فوق رؤوسنا لأننا لا نريد «زكاماً» من موسكو..ولا ضربة شمس من واشنطن..
الراي