دولة "الاحزمة الفاشلة" وإعادة البناء
د.حسام العتوم
17-04-2016 01:40 PM
كتب عبد الباري عطوان في مؤلفة القاعدة- التنظيم السري ص.355 (بأن مؤسسة أمنية عالمية هامة، وهي (IISS) للدراسات الاستراتيجية استنتجت عام 2007 أن جوهر القاعدة لا يزال قادراً على التأقلم والمرونة، وأن التهديد الناجم عن الارهاب الإسلاموي يبدو انه متجه نحو الاسوأ، وفي صفحة 15 منه ذكره بأنه ما يمّيز تنظيم (القاعدة) عن غيره من التنظيمات الاخرى، هو قدرته على المفاجأة، وتطوير نفسه من خلال التوسع، وإنشاء فروع جديدة في مناطق عديدة من العالمين الاسلامي والغربي، وهذا ما يفسر فشل محاولات استئصاله أو القضاء عليه رغم الجهود والأموال الضخمة وتعدد الجهات الإستخباراتية العالمية المتحالفة من أجل تحقيق هذا الهدف), انتهى الاقتباس، وبحكم أن عصابات (داعش)، و(النصرة)، و(جيش الإسلام)، و(احرار الشام) وغيرها الارهابية المجرمة انشطرت عن تنظيم (القاعدة) الام وأصبحت جميعها تحت مرمى نيران دول العرب والعالم وأصبح المطلوب حرباً أيديولوجية وسيكولوجية بعيدة المدى ضدها، وأمنية وعسكرية أنية، فأنه خير من تحدث الى داخلنا الاردني والى العالم في هذا المجال هو سيدنا جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين عبر عدة مقابلات وخطابات ملكية سامية معبرة منها قول جلالته لشبكة سي.ان.ان الاخبارية تاريخ 01. 03. 2015 بأنه الامر يتطلب تسخير جميع القدرات العسكرية عبر حرب قصيرة الامد وأخرى متوسطة وثالثة طويلة الامد تتمثل بالحرب الإيديولوجية، وقول جلالته في مقابلة سابقة للصحفي الامريكي شارلي روز تاريخ 2. 12. 2014 بأنه مشكلة الجهاديين الدوليين تعد كبيرة وتشكل تهديداً مباشراً.
والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه هنا بقوة هو لماذا اختير لمشروع دولة الارهاب المتطاولة على الحضارتين الاسلامية والمسيحية ان تتشكل في سورية والعراق اولاً وتنطلق من وسطهما وهو القادم من اتون إرهاب أفغانستان ومن عمق الجناح السلبي للوهابية العربية؟ و الجواب على ذلك يقول بأنه وهج الارهاب و خلاياه النائمة والمتحركة يبحث دائماً عن الدول غير المستقرة ويعمل على مضاعفة التخريب و التدمير فيها وسرقة كنوزها المخزونه تحت الارض و فوقها من بترول وغاز و أثار حضارية ثم التوسع في البحث عن دول مماثلة ومثلي هنا ليبيا ولبنان ومحاولة الرحيل الى اليمن، فيما وقف الاردن قلعة حصينة بوجهه وشكل سوراً حامياً منه لكامل جزيرة العرب، ولازال سداً منيعاً بوجه تجارة مخدراتهم المدمرة وغيرهم تجاههم، وكل ما بني على فشل سينتهي الى مثله واسوأ، ومصير مرتزقتهم من معظم أطياف العالم الى الهلاك والموت الاكيد، ولقد ضربت روسيا تحديداً مثلاً متقدماً في ملاحقة وقتل من تم تجنيده من ناسهم ومن دول الاتحاد السوفيتي السابقة سراً بجهد (حزب التحرير) ومباشرة من قبلهم بنفس الطريقة عبر الانترنت، ومن تمكن منهم الوصول الى سورية وحمل السلاح هناك بوجه المواطنين والنظام والمعارضة الوطنية، ولقد اعلنت موسكو مؤخراً على لسان وزير دفاعها المارشال سيرجي شايغو عن مقتل 2000 مسلحاً منهم ووعدت بملاحقة غيرهم، وهاهي امريكا قبل وبعد ظهور العون الروسي العسكري القضائي تعمل بنفس الاتجاه تقريبا رغم تباين الهدف، وحديث اعلامي جديد عن مشاركة قوات امريكية خاصة على الارض في سورية وفي العراق وفي ليبيا في محاربة عصابات (داعش) و(النصرة) وغيرهما من قوى الارهاب مع الابتعاد عن مقارعة نظام الاسد احتراماً للتنسيق السياسي والعسكري واللوجستي مع قادة الكرملين في موسكو، وحراك دبلوماسي وسياسي مكثف وملاحظ يقوده وزيري الخارجية سيرجي لافروق وجون كيري، وانسجام روسي امريكي و بالعكس على مستوى الخارجية والأمل معقود على تطويره مستوى القمة خاصة بعد انعقاد الانتخابات الامريكية القربية المقبلة 8 نوفمبر 2016 الجاري واحتمال وصول هيلاري كلينتون لسدة الحكم في البيت الابيض رغم عدم قناعتنا بوقوفها بوضوح واتزان الى جانب القضية الفلسطينية العالقة من دون حلول ناجعة عادلة حتى الساعة، والآن نلحظ كيف ان إجرام إرهاب تنظيمات (القاعدة) سابقة الذكر كلف سورية وحدها 200 مليار دولار لإعادة بناء ما دمرته من بنية تحتية وبالطبع سوف تتسابق الدول المحررة للملف السوري على المشاركة في اعادة البناء هذه بعد اعلان الهدنه بين نظام دمشق المعارضة الوطنية بجهد روسي امريكي مشترك، والامر ينسحب على العراق وعلى ليبيا وقد يطول اليمن، والسؤال الاخير هنا والأكثر الحاحاً هو لماذا تلتحق الاعداد من شعوب المنطقة الشرق اوسطية التي تنتمي اليها وبالآلاف الى وسط مثل هكذا تنظيمات مجرمة ومدمرة للحضارات و للإنسانية بعد مسح أدمغتها ورشوتها بالمال الاسود في زمن الحاجة للبناء المتواصل من أجل رفعة الانسان وللوحدة وللتعاون الدولي ولإنهاء بقايا الحرب الباردة السريه؟ اليست الاديان السماوية السمحة هي التي تقدمت الدعوة لتحريم القتل؟
قال تعالى سبحانه في القرآن الكريم (من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن احياهم فكأنما احيا الناس جميعا) صدق الله العظيم سورة المائدة- الاية 32.
وهاهي قمة الامن النووي في واشنطن قبل ايام تخرج بنتيجة هامة تطرق لها جلالة الملك عبد الله الثاني حيث قال بأن حالة الفوضى في منطقتنا ادت الى ارتفاع مخاطر نقل هذه المواد و التقنيات المتعلقة بها الى جهات وتنظيمات ارهابيه.
ولذلك نؤكد هنا من جديد أن الحرب على الارهاب بشتى انماطه وخلاياه هي حربنا وسنبقى نرفض أي تصعيد عالمي في المقابل يُلمحُ لحرب بين الدول الكبرى أو يدعو للعودة للحرب الباردة او لسيطرة القطب الواحد او للعولمة بكل ما تملك من سمات سلبية على رأسها الهيمنة ونهب خيرات الشعوب والتسلط والديكتاتورية وتشجيع الاحتلال.