الإخوان والدولة قطيعة أم قطع؟
د.مهند مبيضين
17-04-2016 02:56 AM
تحتاج الدولة للقانون، وكما تطبق القانون على الأحزاب والجمعيات دون استثناء، فقط رفض جماعة الإخوان المغلقة مقراتهم الانصياع للقانون، لقد استفادوا ردحاً من الزمن من سماح الدولة لهم بالبقاء في حالة غير منظورة قانوياً، ويقول انصارهم اليوم ان ذلك كان نتيجة لوقوفهم مع الدولة في مفاصل مهمة ضد اليساريين والقوميين الانقلابيين، وبدون خجل يجهرون بذلك، بأنهم تحالفوا مع السلطة ضد دعاة الديمقراطية. لكن هل صحيح أنهم وقفوا مع النظام والدولة أو مع مصالحهم.
بتجاوز زمن التأسيس والاستقلال الوطني، فوجود الإخوان حقق للدولة كتلة مضادة للحركة الوطنية التي كانت تطلب حكم نيابي دستوري وترفض وعد بلفور. وهكذا وجدت كتلة مؤيدة لكل ما تريده الدولة.
عام 1968 بعد جهود كبيرة حاول ياسر عرفات إقناع الاخوان بفكرة الكفاح المسلح! فتحت لهم «قواعد الشيوخ» في جبال عجلون وجرش! قال لهم عرفات كونوا كما شئتم المهم ان تقاتلوا معنا! بعد ثلاثة شهور أغلقوا القواعد واعلنوا رفضهم محاربة اسرائيل. قالوا نحن حركة دعوة وإصلاح، ونسوا أنهم شاركوا في النكبة إلى جانب الجيش العربي والمصري.
بعد النكسة وتحديدا في حوادث ايلول، لم يقفوا مع الدولة، بل بحسب اخواني عتيق: «وقفنا على الحياد بانتظار المنتصر» توالت المواربة وعدم الوضوح، واستمرت الحديث للقصر والكلام الناعم بغير الحديث داخل التنظم الذي لا يعرف ولائاً للدولة فالولاء داخله للتنظيم وليس للدولة، ومع ذلك وصفت الحركة هبة نيسان 1989 بانها انقلاب على الحكم برغم انها حركة مطلبية سيست واتت بحياة برلمانية ونالوا فيها افضل تمثيل ثم أنهم أكثر من كسب منها، ولم يتضح موقف الحركة من هبة نيسان إلا بعد اسبوع، وقبل ذلك حاولوا سرقة احداث اليرموك الطلابية ونسبوها في ادبياتهم إليهم.
في زمن الربيع العربي، رفض الإخوان المشاركة في العملية السياسة لا في الانتخابات ولا في الحوار الوطني ولجنته، ظلت أيدلوجيتهم واضحة بطلب الحكم وفتحت لهم تونس وربيعها ومصر وسوريا شهوة الحكم، كانوا يلطبون لقاء الملك ولا يقبلون بغيره من أركان الدولة، وحين يلقون الملك كانوا يقولون كلاماً، وحين ينزون مع السفراء الغرب يقولون كلاماً آخر.
فتحت شهوتهم للسلطة، رفضوا الانتخابات، ظل الولاء للتنظيم أكثر من الدولة، ظهرت في هذه الظروف حركة زمزم لتفضح المستور بأنه لا مشروع وطني للحركة وانها تغربيت، وتشددت ولا تأبه بالمستقبل الوطني.
جاء الانقسام الداخلي، الذي اوجد جماعة مقننة، وبقي المتشددون في الشارع، ثم واجهوا نضوب الجماهير والفتاوى المتشدد التي اطلقها الراحل محمد أبو فارس لم تفد، وغضب الشباب الإخواني على التحجر والتشدد وعدم التأقلم مع التحولات التي حدثت في المنطقة وفي الأيدلوجيات.
جاءت الدولة بحجة القانون، ولم يعد الزمن الماضي والادعاء بالوقوف مع الدولة منطقيا او حجة مبررة للتفرد، بل اضحت تلك الحجة بالية، فالدولة اليوم تريد حكم القانون ولا تريد تذرير الحركة وتفكيكها، بل فككها رموز التشدد من الذين لم يروا التحولات ولا عواقب التشدد والمحاكم التي شكلت داخلها لشباب ووجوه محترمة، وما زال بعض من أغلقت مقراتهم وليس كلهم في فسطاط واحد بل منهم ما هو محترم وله فضل وسيرة طيبة وانتماء صادق وطنيا، لكن المتشددين من جماعة الشيخ همام ودائرته المغلقةعبرت عن تطرف داخلي عميق فاستحقوا الإغلاق لمقراتهم؛ لأنهم لم يقرأوا الواقع وتحولاته. وفي حين كانت الجماعة تمارس قطيعة وكذلك الدولة ويعود الطرفان للحوار واللقاء احياناً، وقد حدث ذلك مرارا، إلا أنهم يواجهون واقعاً مغايراً، فاليوم الدولة قطعت مع الماضي والبكاء عليه وتريد القانون.
الدستور