إنَّهُ العام 2016، وليس 625 للميلاد، عندما هُزمَ المسلمون في معركة أحد. أرجو أن يتذكّرَ ذلك المراقبُ العام السابقُ لجماعة "الإخوان المسلمين" همّام سعيد، وهو يوجِّه رسالةً إلى قواعده، بعد إغلاق المقرّات، ويدعوها إلى "رصّ الصفوف" و"ضبط النفس" بعدما وقعَ "الظلمُ والعدوان" وذكّرها بـ"الابتلاء" الذي تعرّضَ له "إخوانُ" مصر!
"رصُّ الصفوف" ضدّ مَنْ، ولأجل ماذا؟. و"ضبط النفس" عن ماذا؟. هل هناك خياراتٌ أخرى مطروحة أو متخيّلة، ينفلتُ فيها "ضبط النفس"؟ هذا تهديدٌ مباشرٌ للدولة والمجتمع أيها المراقبُ السابق، وهذه اللغة التخويفيّة جديدة علينا. لم نسمعها في ظروفٍ أكثر تعقيداً مرّت بها الجماعة. نأمل أن تكونَ مجرد "انفعال عابر". الأردن ليس مصر العام 1965. ولا نعرفُ نسخة أردنية من سيّد قطب، وفي مدننا وريفنا وباديتنا ليس ثمة "قناطر خيرية" مُهيأة لأيّ طموحات.
القوى المدنية في المجتمع تطالبُ بالإصلاح العام، وتنتقد التضييق على الحريات، عبر القوانين البدائية والتدابير العُرفية، وتُشدّدُ على المواطنة معياراً وحيداً للتعاطي مع الأردنيين. ليس هناك طريقٌ آخر. وليس مقبولاً أنْ تدعو إلى "ضبط النفس". هل كانت لدى قواعدكم تعليمات أو توجّهات أخرى؟
مقرّاتكم ستؤول إلى جمعية مُرخّصة، تتألّفُ من قادة "الإخوان المسلمين" وأعضائها. ومراقبكم العام عبدالمجيد ذنيبات يدعوكم اليوم إلى العودة إلى "بيتكم الإخوانيّ". القضية بينكم، وبينكم، نتيجة انقساماتٍ طبيعيةٍ في اي تشكيلٍ سياسيّ، شهد اليسارُ والوسطُ مثلها عبر العقود الماضية، ثم أن لديكم "جبهة العمل الإسلامي" المرخصة. وكل ما يحدث يتطلبُ منكم الآن "رصّ الصفوف" من أجل الأردن.
صحيح أنّ الدولة دعمتْ جناحاً فيكم، وذلك يتسق مع طبيعة الصراع السلميّ والمشروع، غير أنّ الأصحّ أنكم مصرّون على الحياة في أربعينيات القرن الماضي سياسيّاً، ورفضتم تجديد خطابكم وإصلاحه، على الرغم من الخراب الكبير في الإقليم، وذلك تعنّت ذهنيٌّ موازٍ لاستعصاء الدولة في فهم مصالحنا..