كلنا فاسدون.. تلك المرافعة الشهيرة التي أدلى بها الممثل المصري أحمد زكي في فيلم "ضد الحكومة" ما زالت أصداؤها مدوية .... وكأنها تحاكي الزمن الذي نحن فيه... فنحن لا نبرئ انفسنا ... ولا صمتنا ...لأن السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا.
كلنا فاسدون ... ربما صمتنا المطبق هو من افسدكم ... وربما نحن من خلق البيئة الحاضنة للفساد ... ونحن من هيأنا اسباب النمو والترعرع لما نحن فيه .. فالفساد لم يولد على جزيرة معزولة... لم يرها أو يسمع عنها أحد.. بل تربى في كنفنا ... حتى جئتم لنا بثماره الحنظلية التي تزكم الأنوف.... وصرنا نتجرع مرارتها الى حد الثمالة.
عندما تسقطت كل الأقنعة .... وتتكشفت العورات .... ونسقط جميعا في بئر عميق من قلة الحيلة واللامبالاة ... عند هذا لا ندينكم .... فكلنا بشر خطائين توابين .... لكن هناك من هو غير قابل للحساب والعقاب .... ولنا ولكم في قول أشرف الخلق عبرة :" إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ " . "
كلنا فاسدون .... وفسادنا يولد فسادا ... وفي كل زوبعة من زوبعاتكم تزداد قناعاتنا بان للفساد وجوه أخرى ... واقنعة فضفاضة ... ومنظومة محكمة و"حكلي تا حكلك" ... ثم تجملون صورته وتلبسونه ثوب الصالح العام.
خذوا عنا فسادكم.. واتركونا نتوضأ ونتطهر من صمتنا الفاسد .. ونصلي ركعتين في محراب الوطن... ولنقرأ بعض أوجه الحيرة الغارق فيها المواطن الاردني.. وهي تحاكي كلمات الشاعر التونسي «مازن الشرف» والتي لحنها بدمع العين المبدع لطفي بوشناق ...أنا مواطن ... وحاير أنتظر منكم جواب ... منزلى في كل شارع .. كل ركن .. كل باب .. وأكتفي بصبري وصمتي ... وثروتي حفنة تراب ... ما أخاف الفقر .. لكن كل خوفي من الضباب ... ومن غياب الوعي عنكم ... كم أخاف من الغياب! سادتي وأنتم حكمتم ... وحكمكم حكم الصواب... خدو المناصب والمكاسب لكن خلولي الوطن .
Ibrahim.z1965@gmail.com