مركز القدس: الصراع الحكومي النيابي خارج أولويات تطوير الأداء النيابي
13-04-2016 04:28 PM
عمون - تابع مركز القدس للدراسات السياسية على مدى الأيام الماضية سلسلة طويلة من التغطيات الإعلامية لقضية تعيين 109 موظفين في مجلس النواب، فضلا عما تولى نواب إثارته حول هذه القضية في عدة جلسات رسمية.
ولعلّ في تفاصيل ما تم تداوله ونشره عبر مختلف وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ما يمثل ظاهرة إيجابية تعزز مكانة الجانب الرقابي الإعلامي والشعبي على عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، إلا أن ثمة مبالغة في هذه التغطيات ساهمت بانحراف واضح عن الهدف الرقابي، وزجت بكامل تفاصيل القضية في تعزيز شخصنة الخلاف الناشب بين رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية. وتفاصيل الخلاف بين رئيسي السلطتين قد لا يكون مهماً، لا بل قد يشكل ظاهرة صحية ما لم يستند إلى مصالح ومواقف شخصية.
لقد منحت وسائل الاعلام هامشا واسعا لصناعة حدث وتضخيم تفاصيله في سياق تأكيدها على قرب رحيل الحكومة والمجلس معا، بينما تشير كل الوقائع والاستحقاقات الدستورية الى ان هذه المسألة هي استحقاق دستوري يحتكم الى عامل الوقت فقط ليتحول إلى حقيقة واقعة، إلا أن وسائل الاعلام استندت الى قضية تعيين 109 موظفين بقرار من رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة وموافقة مجلس الوزراء في نهاية المطاف لتساند ترويجها للرحيل المبكر للسلطتين.
وأيا تكن تفاصيل الخلاف وكيفية تناوله من قبل وسائل الاعلام، فإن ما جرى من صراع ومناكفة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية كان خارج الأولويات التي يتعين أن تحظى باهتمام ورعاية السلطتين، ويأتي في مقدمة ذلك ضرورة زيادة موازنة مجلس النواب على نحو جوهري، لا من أجل التنفيعات، بل من أجل تطوير دور مجلس النواب الذي يمثل أحد جناحي هيكل نظام الحكم "النيابي الملكي"، وتمكينه من أداء وظائفه التشريعية والرقابية والتمثيلية، بما في ذلك مساعدة النواب على أن يكون لهم في دوائرهم مكاتب يتواصلون من خلالها مع ناخبيهم، وتعزيز إمكانات الأمانة العامة للمجلس لتوفير ما يحتاجه النواب من خبرة واستشارات تتعلق بعملهم.
ان قانون الموازنة العامة للدولة يكرر في كل عام مادة يفوض مجلس الوزراء ورئيس الوزراء ووزير المالية بموجبها صلاحياتهم المالية لكل من رئيسي مجلسي النواب والأعيان فيما يتعلق بسلطتيهما في التصرف المالي في موازنة المجلسين، وقد نصت المادة رقم (12) من قانون الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2016 على ذلك.
ان تفويض الصلاحيات وفقا لما نصت عليه هذه المادة يختص بالجانب المالي، فضلا عما نص عليه الدستور من استقلالية السلطة التشريعية في وظائفها الدستورية التشريعية والرقابية على اعمال السلطة التنفيذية، في الوقت الذي عرف فيه نظام الخدمة المدنية رقم 82 لسنة 2013 رئيسي مجلسي النواب والاعيان بانهما وزيرين فيما يتعلق بسلطة الوزير في وزارته وفقا لما ورد في المادة (2) من النظام التي نصت على ان كلمة وزير تشمل "رئيس مجلس الأعيان فيما يتعلق بموظفي مجلس الأعيان، ورئيس مجلس النواب فيما يتعلق بموظفي مجلس النواب، ورئيس مجلس الاعيان فيما يتعلق بموظفي مجلس النواب اذا كان المجلس منحلا".
وفي شتى الأحوال، فإن مجلس النواب يحتاج لتعزيز مبادئ وقيم الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص والخبرات فيما يتعلق بكل سياساته بما فيها تعزيز كوادره الوظيفية والإدارية بالوظائف والخبرات، وعليه الاعلان للجمهور عن حاجته للوظائف لتعزيز المنافسة بين طالبي الوظيفة ولتحقيق قيم الشفافية والنزاهة التي يتوجب عليه ان يكون أحد حراسها وداعميها.
أما ما تم الكشف عنه من اسماء تضمنتها قائمة التعيينات مدار الجدل والخلاف فلا تحقق قيم العدالة والشفافية وتكافؤ الفرص وقيم التنافس المفتوح بين طالبي الوظيفة بالقدر الذي تخدم فيه مصالح فئة من النواب تخضع وبالضرورة لمبدأ تعارض المصالح.
ولعل ادارة القضية من قبل رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب على النحو الذي شهدناه، يبقى يمثل تجاوزاً على القانون لكون تلك التعيينات قد تمت من خارج ديوان الخدمة المدنية، ما يعني أنه قد تم استسهال مخالفة القانون لصالح رغبات النواب الخاصة في تعيين الأبناء والاقرباء على حساب مواطنين آخرين ينتظرون دورهم في التعيين عبر ديوان الخدمة المدنية.