ارتكبت إفكا عظيما عندما ظننت قبل 13 عاما بأن حرب بوش "الصليبية"ستدمر العراق، فها هو عراق "بدر شاكر السياب "يرفل بديمقراطية فوهات المدافع بدلا من أشجار نخيل طويلة بلهاء تتسكع على أطراف الطرق، فلا مكان الآن لقيلولة عاشقين دون عزف هادئ لطائرات إف16.
وغدا العراق دولة صناعية كبرى تخطت في تقدمها الدول العظمى، وها هي روسيا والصين وألمانيا (...) تجثو طالبة استيراد تكنولوجيا قوارير دم حشد شعبية ممهورة باسم وكيلها الحصري "بوش" وفروعه المالكية.
نأسف جدا، ونحن محزونون، ونزدري أنفسنا لأننا لم نسبح بعلمانية أمريكا، وباسمك المبجل في الغدو والآصال، ولم نرتق لمستوى تفكيرك البديع في نشر السلام والتسامح على الأرض، فقد خلعت علينا جبة العدل والمساواة والمواطنة واندثر الفساد وانتهى القمع والاستبداد، وتخلصت من أسلحة الدمار الشامل التي كان العراقيون يتداولونها بسرية في البيوت كحليب الأطفال المهرب إبان الحصار، وليس جديراً بنا الحزن على نصف مليون طفل عراقي قضوا في سبيل استيراد قيّمك الديمقراطية.
يا إلهي، ما أروعك سيدي الأبيض على ما أهديت لنا من سلة علوم حصرية ابتكارية، تخلو من الطائفية والعنصرية، وجعلت من الجميع متساوين في الموت، وسيشهد لك التاريخ بأن زيارتك الخاطفة للعراق كانت فتحا عظيما، فلا أمهات ثكلى ولا أرامل ولا جوعى ،وعمّ الأرض السلام.
ولأننا نادمون، ويعتصرنا الخجل، ونشعر بالعار، يدعوك بعض الرفاق لنشر ديمقراطيتك فيما تبقى من أوطان لنا، فنحن فداء لعيونك الزرقاء، لكن لا تنسى أن تجلب معك من باب الاحتياط حليب اطفالنا هذه المرة، فلم ننجب نصف مليون طفل منذ غزوتك الثانية للعراق .