الحسم المطلوب في قضية الإخوان المسلمين
بلال حسن التل
13-04-2016 01:59 PM
من نافلة القول أن الدولة هي أعلى وأرقى صيغة، وصل إليها العقل البشري لتنظيم العلاقة بين الناس، داخل المجتمع الواحد. وأهم وسائل الدولة لتحقيق هذا التنظيم هو «القانون» وتطبيقه على الجميع بالتساوي، وانصياع الجميع إليه. وبغير ذلك تفقد الدولة أهم مبررات وجودها، وتحل محلها الفوضى وشريعة الغاب التي يأكل فيها القوي الضعيف. ولذلك قيل دولة ظالمة خير من فوضى عارمة، وهي مقولة تقدم الأدلة والبراهين على صحتها مجمل التطورات التي تمر بها العديد من الدول المحيطة بنا، والتي أصبحت في ظل ضعف الدولة نهباً بين عصابات الطامعين، وصار أهلها موزعين على بقاع الأرض شذر مذر فك الله كربتهم، وردهم إلى أوطانهم، ورد أوطانهم إليهم.
مناسبة هذا الحديث هو حالة تمرد واضحة وبينة على القانون يشهدها بلدنا، لأن من يمارسون هذا التمرد يمارسونه على رؤوس الأشهاد وبتحد واضح لمفهوم دولة القانون يجسده سلوك ما يعرف بجماعة التنظيم السري، أو جماعة همام سعيد، أو الجماعة غير الشرعية»للإخوان المسلمين»، ورفضها الانصياع لأحكام القوانين السارية، والتي مرت بكل القنوات الدستورية، ومع ذك فإن هذه الجماعة ترفض الانصياع لها لأسباب واهية، أولها اعتقادها أنها أكبر من الدولة وقوانينها، وهو الاعتقاد الذي أعلنه صراحة وبوضوح زعيم هذه المجموعة، الذي سبق وأن قال أنه ليس هناك قانونا يستوعب مجموعته، وهو قول فيه الكثير من الاستهانة بالدولة الأردنية، لأنه قول ترى من خلاله هذه المجموعة أنها أكبر من أن تستوعبها قوانين هذه الدولة، فلم نعهد تنظيماً يظن نفسه أنه أكبر من قوانين الدولة التي رخصته ورعته ليزعم بعد ذلك أن قوانين هذه الدولة لا تستوعبه، فإذا ربطنا هذا الزعم بموقف هذه المجموعة من العلم الأردني، ورفعه على مقارها اتضحت لنا صورة موقفها من الدولة الأردنية أكثر وأكثر، وهي الصورة التي ظن معها بعض أعضاء هذه المجموعة أنهم أنداد للدولة الأردنية فكثر حديثهم عن ثنائية الدولة والجماعة، بل أكثر من ذلك فقد صار بعضهم يمن على الدولة بأنهم حفظ استقرارها، وهو وهم من ضمن الأوهام التي سيطرت على هذه المجموعة ولنا إليها عودة، لكن ما يعنينا في هذه العجالة موقف هذه المجموعة من الإنصياع للقانون ورؤيتها لنفسها بأنها أكبر من القانون، حتى إذا ما تواضع بعض أفرادها طالبوا بقانون خاص يتم بموجبه ترخيص مجموعتهم، ناسين أو متناسين أنهم شريحة من شرائح هذا المجتمع، وأن «الأردنيون أمام القانون سواء» وأن هذا الطلب فيه استعلاء، تُميز من خلاله هذه المجموعة نفسها عن سائر الأردنيين، بما عرف عن الأردنيين من أنفة وكبرياء يرفضون معها أية ممارسة فيها «كبر»، صار يميز هذه المجموعة ويعميها عن حقيقة وضعها وواقعها، ويدفعها إلى المزيد من الأخطاء التي شرذمت أقدم تنظيم إسلامي في الأردن، أسسه الرعيل الاول من الإخوان المسلمين وفق أحكام قوانين الدولة الأردنية، وعلى يد مجموعة من الرجال المؤمنين بالدولة الأردنية،وبرعاية مباشرة من الملك المؤسس عبدالله بن الحسين، استمر بها جلالة الملك الباني الحسين بن طلال طيب الله ثراهما.
كثيرة هي الحقائق التي يعمي «الكبر» أعضاء هذه المجموعة عن رؤيتها، في الطليعة منها أن قطار الترخيص قد فاتهم، وأن في بلدنا الآن جماعة مرخصة باسم «جمعية الإخوان المسلمين»، وأن أي نشاط تحت هذا المسمى من غير أهله يصبح انتحال صفة يحاسب عليه القانون، الذي ندعو الحكومة إلى تطبيقه لحسم هذا الجدل الذي أصبح مصدر إزعاج للكثير من الأردنيين من جهة، وحتى لا يشجع آخرين على نفس سلوك عدم الإنصياع للقوانين من جهة ثانية وهم يرون أن هناك من يتمرد على القانون ويرفض الإنصياع إليه جهاراً نهاراً كما تفعل هذه المجموعة التي رأت في طلب محافظ العاصمة منها عدم إجراء انتخابات داخلية تدخل في شؤونها، متناسية أولاً أنه لا وجود قانوني لها، وأنها مدعية صفة متناسية أيضا حقيقة كبرى هي أن انتخابات سائر المؤسسات الأهلية «نقابات...جمعيات، أحزاب...»، تجري بحضور من يمثل أجهزة الدولة المعنية، لضمان سلامة تطبيق القوانين وبالتالي سلامة الانتخابات، فلماذا ترى هذه المجموعة أنها مميزة عن سائر الأردنيين وجمعياتهم وجماعاتهم وأحزابهم، أم هو «الكبر» الذي يجعلها ترى نفسها أكبر من القوانين التي صار على الدولة أن تحسم أمرها بأنفاذها على الوجه الصحيح حفاظاً على هيبة الدولة أولاً، ولتكذيب مقولة البعض بأن دولتنا تتخلى عن من يحترم القانون لإرضاء من يخالفه. وأخيراً حتى لا يصبح الخروج على القانون سنة مألوفة في بلدنا.
الرأي