التكيس الليفي ( Cystic Fibrosis ) .. مرض العصر
أروى الجعبري
13-04-2016 12:46 AM
يخصص العالم يوم الثامن من أيلول من كل عام ليكون ( اليوم العالمي لمرض التكيس الليفي ) ، و للأسف لا زلنا في عالمنا العربي و في الأردن تحديدا نجهل الكثير عن هذا المرض الذي تتمثل خطورته في ناحيتين رئيسيتين : أنه وراثي من جهة ، و أنه مرض قاتل و مميت من جهة أخرى ، في الوقت الذي يمكننا فيها منع المرض بالوقاية و الفحص قبل الزواج ، نجد أننا و للأسف نساهم بشكل كبير في انتشاره بسبب الجهل التام بحقيقته و بسبل حماية أطفالنا في المستقبل من الإصابة به ، أضف إلى ذلك أن علاجه يعتبر من أغلى أنواع العلاج في العالم مقارنة مع الأمراض الأخرى كالسرطان مثلا !!!!
يرتبط المرض بالوراثة فقط في حالة كان الأم و الأب يحمل كليهما جينات المرض ، فهو جين وراثي متنحي ، و هو بذلك يشبه إلى حد ما مرض التلاسيميا من حيث الوراثة ، كما تشير بعض الدراسات إلى أنه يحصل نتيجة طفرة جينية مرتبطة بتكرار حالات الزواج من الأقارب في العائلة الواحدة لعدة أجيال ، و هو في تعريف بسيط
مرض ينجم عن مخاط سميك يُشبه الغراء لزج ، يتراكم في الجسم و يسد الشعب الهوائية و يؤثر على الأعضاء الداخلية وخصوصاً على الرئتين و البنكرياس و الجهاز الهضمي الذي يتعطل بفعله مما يؤدي إلى حالات إمساك مزمن عند الطفل و سوء تغذية نتيجة خلل في افراز هرمونات الهضم ، كما يؤثر على الرئتين و الجهاز التنفسي فتكون بداية المرض على شكل التهابات رئوية متكررة ، و يتطور إلى حالات اختناق تصيب المريض ، و يكون تأثير كل ما سبق على المريض أن يجعل حياته جحيما حيث يعيق نموه و نشاطاته الحيوية و الاجتماعية في بيئته و منها عدم قدرته على الالتحاق بالمدرسة بالإضافة إلى تأثيره على الخصوبة عند الذكور .
كل ما سبق من أعراض و مضاعفات للمرض ، تمكن العلم الحديث من تخفيف الكثير منها و معالجته ، و لا زالت الدراسات قائمة على قدم و ساق في الدول المتقدمة لمحاصرة المرض و منع انتشاره من جهة ، و التقدم في اختراع أدوية و علاجات فعالة من جهة أخرى ، حتى أمكننا اليوم أن نرى أطفال مصابين بالمرض و قادرين على الالتحاق بالمدارس و الأنشطة الرياضية و الفنية و تحقيق إنجازات أيضا !!!! كما وصل سن بعض المصابين إلى الأربعينات بعد أن كان عمر المريض لا يتجاوز العشرينات على أحسن تقدير قبل وفاته !!!
و هنا تكمن المشكلة في الأردن و غيره من الدول النامية في صعوبة التواصل مع أحدث ما وصل إليه العلم من أدوية و وسائل علاجية بسبب ارتفاع أسعارها ، و حاجة المريض إلى كميات كبيرة منها يوميا ، مع العلم أنه تم تسجيل 700 حالة من المرض في الأردن عام 2010 م في الوقت الذي ترتفع فيه نسبة الإصابة كل عام بمعدل 55 حالة سنويا !!!! هذا عدا عن الحالات التي توفي فيها الكثير من الأطفال اختناقا بعد معاناة طويلة مع المرض بسبب الجهل التام بحقيقته و عدم القدرة على تشخيصه !!
التكيس الليفي ..........مرض قاتل .......و مزمن ....... و منتشر ...... و يشكل معاناة كبيرة للطفل و لذويه في الوقت نفسه ، إلا أنه بإمكاننا و بسهولة منعه من البداية و حماية أطفالنا من الإصابة به من خلال فحوصات ما قبل الزواج ، و بإمكاننا أيضا تخفيف آلام و معاناة المرضى اليومية من خلال توفير الأدوية و أحدث الوسائل العلاجية لهم ...............كل ما نحتاجه وقفة تضامنية و تشاركية تساهم فيها كل مؤسسات المجتمع و فئاته لحماية أبناءنا و أجيالنا القادمة من مرض فتاك و بأبسط الوسائل و الأساليب ..............معا لمحاربة التكيس الليفي ......