نحن واليهود .. لا يزاودنّ علينا أحد
اسعد العزوني
11-04-2016 07:46 PM
ليس ما أكتبه رجما بالغيب ، ولا هو قراءة عرافة بالفنجان ، وليس ضربا بالرمل تقوم به بصارة محترفة ، كما أنه ليس تحليلا سياسيا يحتمل الخطأ والصواب ، بل هو حقائق ثابتة مثبتة في الملفات والأرشيفات ، لكن أحدا لا يريد فتحها لحاجة في نفس يعقوب ، وأنا لها.
عندما أقول نحن ، فإنني أعني بذلك العرب والمسلمين عموما ، فالمسلمون ملتزمون بما ورد في كتاب الله ، من حيث الإيمان بكافة الرسل وبما نزل إليهم من كتب ، أما العرب حتى قبل الإسلام فكانوا يحتضنون اليهود بين ظهرانيهم ويعاملونهم بإحترام ، رغم ما كان بعض اليهود يفعلونه من إثارة للفتنة وتعامل بالربا وغير ذلك ، حتى أن بعض العرب تعاطفوا مع اليهود كديانة دون ان يعلموا أن قادة الصهيوينة قد إختطفوا اليهود من الرب ، ورموهم في حضن الشيطان ، كما قال لي الحاخام الراحل لطائفة ناطوري كارتا "حراس المدينة" في القدس وإسمه موشيه هيرش ذات حوار في عمان ، أثبت فيه عداء لا يلين للصهيونية ،وأكد لي :"أنا فلسطيني مثلك يا إبني".
لقد إستفحل العداء اليهودي للعرب والمسلمين بعد أن ظهر صدق التوراة والإنجيل ، حول مجيء نبي عربي أمي يتيم هو محمد "صلى الله عليه وسلم" ، وقد حاول اليهود قتله بعد توقيع المعاهدات معه ، وأشهر مؤامرة في هذا المجال دعوته على وليمة ذبحوا له فيها شاة ، وقاموا بتسميم كتفها لعلمهم انه يحب لحم الكتف.
بعد أن أسري بالنبي محمد إلى الأقصى ، أمّ في الأنبياء جميعا وصلى بهم جماعة ، وكانت تلك الصلاة رسالة قاطعة لليهود أن الله إستبدلهم بالعرب ، وأن إمامة النبي محمد للأنبياء في الأقصى قبل عروجه إلى السماء كانت رسالة واضحة .
من هنا تحرك السم اليهودي الزعاف وبدأت المؤامرات ، لكن الله حمى نبيه ورسالته ، وجرى ما جرى ، وتم طرد اليهود من الجزيرة العربية لأنهم لم يحفظوا عهدا ولم يحترموا معاهدة وقعوا عليهم كما هم الآن .
لم تحتملهم أوروبا المسيحية ، وقام ملك إسبانيا فيليب الثاني وزوجته الملكة إيزابيلا بطرد 300 ألف يهودي من البلاد وتهديدهم بالطرد أو التنصر وبمحاكم التفتيش .
قضى من قضى منهم على أيدي جلاوزة الملك الإسباني ، وإصطحب كولومبس معه مجموعة إلى أمريكا ، وغالبيتهم وجدوا الديار العربية "شمال إفريقيا " ، تحتضنهم من منطلقات إنسانية وتفتح لهم أبوابها وتهيء لهم حياة كريمة ، كما أن الديار الإسلامية "الإمبراطورية العثمانية " هي الأخرى فتحت لهم الأبواب ، وعاشوا حياة كريمة لكنهم وبعد ان رفض السلطان عبد الحميد الثاني منحهم فلسطين وطنا قوميا ، تآمروا معهم ونجحوا في عزله .
وتتلخص القصة في نجاح اليهود بتشكيل تحالفات مع المعارضة العثمانية للسلطان عبد الحميد الثاني ، بالتعاون مع الحركة الماسونية التي كانت متغلغلة في الإمبراطورية العثمانية وكذلك جمعية الحياة والترقي ، ووصل الأمر بهم إلى أن أفرزوا يهوديا إسمه عمانوئيل قره صو - كان قد توسل للسلطان عبد الحميد الثاني لمنحهم فلسطين وطنا قوميا ، بعد هيرتزل – في اللجنة التي طلبت من السلطان عبد الحميد الثاني التنحي .
عندها خاطبهم السلطان بقوله : أتفهم موقفكم كأتراك مني ، ولكن من هو هذا اليهودي الذي يرافقكم وما دوره في المؤامرة ، وكيف تسمحون ليهودي أن يمثل الأمة الإسلامية ، أليس في الأمة من يقول للخليفة أنت معزول ؟ أأنتم تعملون الإنقلاب أم اليهود ؟ ثم خاطب اليهودي قرة صو غاضبا : عندما جئت تطلب مني أن أعطيكم فلسطين وطنا لليهود وطردتك، قلت لك أنك تنظر إلي كمن سيحاسبني يوما ما ، لقد هيأوا لك هذا اليوم ، أعرف هذا جيدا إنه رد على شبر أرض لم أعطه لكم ، لن أترككم تحلمون بأن تجعلوا كل الوطن الإسلامي أرضا يهودية....علما أن اليهود وصلوا إلى مرتبة الوزراء وكبار القادة ورجال الأعمل وحققوا وجودا مميزا ، ومع ذلك تحركت غريزتهم وغدروا من تلقفهم من محاكم التفتيش.
في حوار أجريته مع الرئيس السابق لجمهورية البوسنة والهرسك د.حارس سيلايجيتش، قال أن بلاده إستقبلت اليهود الناجين من محاكم التفتيش ، وهيأت لهم الحياة الكريمة .
أما في الوطن العرب فقد عاشوا بكل حرية ومع ذلك ضللت معظمهم الصهيوينة ، وأجبرتهم على الرحيل إلى فلسطين بعد الإتفاق مع حكام الدول العربية آنذاك ، على بيعهم اليهود مقابل مبالغ معينة ، حتى أن "أمير المؤمنين "في السودان جعفر النميري قام بتسهيل ترحيل يهود أثيوبيا "الفلاشة " مقابل مبلغ كبير.
ولن ننسى وضع اليهود في فلسطين قبل وعد بلفور ،إذ كانوا عربا أقحاحا لا تميزهم عن العرب الفلسطينيين ، لكن الرواد الصهاينة سمموا أجواء العيش المشترك في فلسطين وزرعوا العداء والكراهية .