«وثائق بنما» .. بين فسادنا وفسادهم !
رجا طلب
11-04-2016 03:30 AM
يمكن القول أن الوثائق المسربة عن عملاء مكتب « موساك فونسيكا »
التي تكشف وتفضح ثروات المئات من الرؤساء والمسؤولين والاقتصاديين وحتى الرياضيين والفنانين تعد بمثابة « قنبلة نووية» سقطت فوق رؤوس هؤلاء العملاء وفوق رأس الاقتصاد العالمي وتحديدا عالم المصارف العالمية وشركات المحاماة الكبرى التي تتعامل مع تلك البنوك ورجال المال على طريقة « محامي الشيطان ».
التسريبات ضخمة ووصل عدد الصفحات المسربة بـ11.5 مليون وثيقة، و2.6 « تيرا بايت» من المعلومات المأخوذة عن قاعدة البيانات الداخلية للشركة ، وهي أكبر من تلك التسريبات الصادرة عن ويكيليكس عام 2010، ومن وثائق الاستخبارات السرية التي قدمها إدوارد سنودن عام 2013، وهو الأمر الذي جعل مجلة « فورن بوليسي « الشهيرة تصف تسريبات « ويكيليكس» تبدو وكأنها « ساعة هواة « قياسا بوثائق « بنما « !
من حيث المبدأ هناك من يرى انه ليس كل من ورد اسمه في وثائق « بنما »
هو فاسد او متهرب ضريبيا أو « غاسل للأموال القذرة « ، فهناك من لجاء إلى ذلك لوضع أمواله في ملاذ آمن او لسهولة العمل التجاري لتلك الشركات المسجلة هناك حول العالم ، وهذا ما صرح به عدد من الذين وردت أسماؤهم في الوثائق ، وهناك من رد على هذا التبرير في السؤال « التالي: لماذا الملاذ الآمن إن كان مصدر المال مشروع ونظيف وقانوني» ؟؟
في كل الأحوال فان الأمر يتطلب التدقيق في كل حالة بحالتها من قبل الجهات الدولية أو الوطنية لتلك الأسماء الواردة بالوثائق.
ومن غرائب تلك الفضيحة أنها « لم تحرك مظاهرة ولو صغيرة في أي شارع من شوارع العالم العربي ولم تحرك أيضا أي جهة قانونية أو حقوقية لفتح التحقيق في ثروات بعض الشخصيات التي حكمت لعقود طويلة مثل مبارك وزين العابدين والقذافي وغيرها ، أو لجهة التحرك القانوني لاسترداد تلك الأموال المنهوبة بحكم السلطة السياسية ، في الوقت الذي بدا فيه تفاعل الدول الأوروبية مع هذه الوثائق سريعا ومؤثرا مثلما حدث في أيسلندا حيث أجبرت تظاهرات بسيطة رئيس الوزراء غونلاغسون على الاستقالة ، كما تتفاعل القضية في انجلترا ضد ديفيد كاميرون رئيس الوزراء بسبب ذكر اسم والده في واحدة من تلك الوثائق وربما لا تنتهي أوروبا عند حدود انجلترا وايسلندا.
أما اغرب التبريرات فقد جاءت من بوتين بعد الكشف عن اسم صديقه رولدوغين المتهمة شركته بالتورط في نشاطات في منطقة الإعفاءات الضريبية (أفشور) بالفساد المالي وحصلت على جوائز مالية تقدر قيمتها بنحو 2 مليار دولار من شركات روسية ، حيث أجاب بوتين وعلى طريقة « البعث السوري » ومنطق « نظرية المؤامرة » إنها تأتي بعد القلق الذي يثيره تلاحم الأمة الروسية ».
ومن أهم ما كشفته الوثائق البنمية هو الفساد الإسرائيلي حيث كشفت
« هارتس » من واقع قراءة تلك الوثائق عن تورط أكثر من 600 شركة إسرائيلية في فضيحة التهرب الضريبيّ الكبرى في السنوات الأخيرة، ومن بين هذه الشركات برزت أسماء أباطرة الألماس الإسرائيليين ومن أبرزهم الملياردير دان غيرتلير الذي ورد اسمه أكثر من 200 مرة في تلك الوثائق.
ومن بين الشركات المتورطة اثنان من البنوك الثلاثة الرئيسية في «إسرائيل»، بنك « لئومي» وبنك « هبوعليم » ، ، بالإضافة إلى أسماء 850 مساهما كأصحاب حسابات بنكية في دول تعتبر ملاذات ضريبية بهدف التهرب من دفع الضرائب أو لتبييض أموال. ومن الأسماء تلك الأسماء عيدان عوفر، ودوف فايسغلاس الذي شغل منصب مدير مكتب أريئيل شارون.
الفساد هو العدو اللدود للديمقراطية حيث يعطل دورها في « المحاسبة والحرية والعدالة « ، وبهذه المعادلة فإننا نجد أن إسرائيل لا تختلف من حيث الجوهر عن أي بلد شمولي في أسيا أو إفريقيا ، حيث يقول الباحث والصحفي آرييه أفنيري في كتابه « اصرخي أيتها الأرض الفاسدة « الصادر عام 2009 أن الفساد في إسرائيل بات كما السرطان لم يعد بالإمكان السيطرة عليه.
ومن الملفت أن الضجيج حول الوثائق غيب الإجابة على سؤالين مهمين للغاية :
الاول: من هي الجهة التي لها مصلحة في فضح هذا العالم كله ماليا وأخلاقيا ولماذا ؟
والثاني: ما هو موقف النظام القانوني الدولي من هذه الشركة ومثيلاتها في العالم بعد هذه الفضيحة ؟
... الفساد هو الأب الشرعي للإرهاب وصناعة الجريمة ، والمهم هنا أننا كعرب لسنا الاستثناء في تلك الفضيحة... فالكل له فساده !
الراي