"الاتحاد البرلماني" يمنح المجالي جائزة التميز البرلماني
10-04-2016 08:30 PM
عمون - منح الاتحاد البرلماني العربي المهندس عبدالهادي المجالي جائزة التميز البرلماني لرؤوساء البرلمانات، وجاء تسليم الجائزة اليوم خلال جلسات المؤتمر البرلماني العربي المنعقد في القاهرة اليوم في مقر جامعة الدول العربية برئاسة دولة السيد نبيه بري.
والقى المهندس عبدالهادي المجالي رئيس حزب التيار الوطني خلال المؤتمر كلمة قال فيها:
"إنَّ الواقعَ العربيَّ اليوم، صعبٌ وعصيب، وتحيطُه الأخطارُ مِن كلِّ جانب، دُوَلُهُ بعضُها ممزق، والآخرُ يُرادُ لهُ أنْ يُمزَّق، والفوضى تضرِبُ في الأرجاء، والمستقبلُ غامض، والأفُقُ يكادُ أنْ يكونَ مسدودا، والإرهابُ كما الأطماعُ الخارجيةُ ماثلةٌ أمامَنا".
واضاف "ولا نظنُّ أنَّ الخلاصَ والإفلاتَ مِنْ هذا الواقعِ سهلٌ ويسير، ولن يكونَ سهلا يسيرا مالَمْ تتوحدِ الأمةُ وتعالجَ مشاكِلَها الواسعةِ والمتنوعة، سياسيا، واقتصاديا تنمويا، وفكريا ثقافيا، واجتماعيا، لأنَّ هذهِ المُحددات، وهيَ مُعتلةٌ ومُختلَّة، بيئاتٌ لكُلِّ تطرفٍ وتشدُُّد، والسبب في استجلابِ كلِّ تدخلٍ خارجي، ذلكَ التدخلُ الذي لا يُقيمُ لمصالحِ دولِنا وشعوبِنا وزنا كافيا، بالقدْرِ الذي يُقيمُ كلَّ الوزن، أو أغلبَهُ لمصالِحِه".
وتالياً نص الكلمة: بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم
دولةَ الأخِ والصديقِ العزيز نبيه بري الأكرم، رئيسَ الاتحادِ البرلمانيِّ العربيِّ،،
الإخوة والزملاءُ الأعزاءُ رؤساءَ البرلمانات، الأعضاءَ الكرام،،
عطوفةَ الأمينِ العامِّ المحترمْ الأخْ فايز الشوابكة،،
الأخواتٌ والإخوةُ الحضور الكرام،،
السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.....
في البَدء، استميحُكُم بالحديثِ عنِ الحياةِ البرلمانيةِ العربية، وهيَ الحياةُ التي بدأت منذُ زمنٍ بعيدٍ في أغلبِ الدولِ العربية، ومعَ الوقتِ تجذَّرت وترسخَّت القيمةُ البرلمانية، إلى أنْ بلغَتْ مرحلةً متقدمة، نضجتْ فيها التجربةُ إلى الحدِّ الذي تَقرَّر في العامِ 1974 إنشاءُ الاتحادِ البرلمانيِّ العربيّ.. ومنذُ ذلكَ التاريخِ نهَضَ الاتحاد، وبذلَ كلَّ جهدٍ لتعميقِ العديدِ مِنَ المفاهيمِ والأفكارِ الديمقراطيةِ والبرلمانية، وكلُّ ذلكَ تمَّ في ظروفٍ بالغةِ التعقيدِ والصعوبة.
وفي القرنِ الماضي، وفي نهايتِهِ على وجهِ الخصوص، اجتهدَ من كانَ على سُدَّةِ المسؤوليةِ في أنْ يُطَوِّرَ الواقعَ البرلماني، واتحادِه، وينتقلَ بهِ منْ حالةٍ إلى أُخرى أكثرَ تقدما وقيمةً وفعالية، فعُقِدَت لأجلِ ذلكَ ندوةٌ خاصةٌ في بيروت عام 2000، وبعدَ عصفٍ ذهنيٍّ جَدِّيٍّ وبحثٍ معمق، أَقرتِ الندوةُ بوجوبِ إنشاءِ برلمانٍ عربيٍّ مُوحَّدٍ يُماثلُ البرلمانَ الأوروبي، ويُحاكي ما يَملِكُهُ مِنْ صلاحياتِ التشريعِ والرقابة.
وبالفعل، رُفِعَتْ في ذلكَ الوقتِ مذكرةٌ حمَلَها دولةُ الأخِ والصديقْ نبيه بري رئيسُ الاتحاد، آنذاك، إلى القمةِ العربيةِ حيثُ نوقشت في قمةِ الجزائر في العام 2005، وعلى الرغمِ مِن شرحِ رؤساءِ البرلماناتِ أهميةَ فِكرَتِهِم إلاّ أنَّه، معَ الأسفِ الشديد، صدرَ قرارُ إنشاءِ البرلمانِ العربيِّ بصورةٍ انتقاليةٍ لمدةِ خمسِ سنوات، وليكونَ أحدَ أجنحةِ الجامعةِ العربية وليسَ أحدَ أعمدةِ مؤسسةِ القمةِ العربية.
وكانَ مِنَ المفروضِ أنْ يُطَوِّرَ ذلكَ القرارِ ليتمَّ انتخابُ أعضاءِ البرلمانِ مباشرةً من الشعوب العربية، لكن ذلك لم يتم ولم تتحقق الرؤيا، ولم يتبع المنهج الذي كُنا نأمَلُهُ ونتمناه، مع ذلك بَقِيَتْ مؤسسةُ الاتحادِ البرلمانيِّ قائمةً وتقومُ بواجباتِها ومسؤولياتِها.
عموما، وعلى الرغمِ مِنْ تلكَ الهِناتِ وجملةِ العثرات، لعبَ الاتحادُ دوراً فعالاً في القضايا العربية، وبقيَ حاضراً ومتيقظاً لكلِّ ما يُحيطُ بالأمةِ مِن أخطار، فطالما لفتنا النظرَ إلى التحدياتِ والصعاب، واتخذنا بشأنِها مواقف، وعبَّرنا عن تصوراتِنا وتقديراتِنا، وقدَّمنا حلولاً واقترحنا مساراتٍ للتعاملِ معَ تلكَ التحديات، ولتجاوزِ تلكَ الصعاب..
وسَعَينا في كلِّ فرصة، ومناسبة، إلى دفعِ البرلماناتِ الأعضاءِ في الاتحادِ كي تُوائم تشريعاتِ بلدانِها، بما يعكسُ الاتجاهاتِ النهضويةِ التي آمنَ بها اتحادُنا، ليقينِنا أنَّ على الاتحادِ دورٌ في التقريبِ النظريِّ والعمليِّ بين أنظمتِنا وشعوبِنا، وأنْ نعكِسَ، بوصفِنا ساسةً منتخبين، طموحاتِ الشعوبِ في رؤيةِ الأمةِ العربيةِ وقدْ تقدمت وازدهرت، وأخذت مكانَها الصحيحَ والمفترضَ على الساحةِ الدولية، وباتتْ قادرةً على انتزاعِ حقوقِها والمدافعةِ عنها.
أهذا يكفي..؟ أو.. أهذا هوَ الطموح..؟!
حتما، ليس هذا هو طموحُنا، فعلى الرغمِ مما قدَّمَ اتحادُنا في سنواتٍ سابقة، وما يُقَدِّمُهُ الآن، فإنَّ الطموحَ أكبرُ بكثيرٍ مِنْ كلِّ ذلك، وأُقِرُّ بأنَّ العزيمةَ والإرادة، لتحقيقِ ذلك، موجودةٌ وقائمةٌ في الضميرِ والوجدانِ والعقلِ عندَ كلِّ البرلمانيينَ العرب، وفي القلبِ مِنْ ذلكَ اتحادُهُم.
لكنَّ بلوغَ الأهدافِ وتحقيقَ الطموحاتِ تستلزمُ مِنَ الأنظمةِ العربية، وعبرَ مؤسسةِ القمةِ العربية، أنْ تمنحَ الاتحادَ المزيدَ مِنَ الحضورِ والدور، وأَنْ تنقلَ مستواهُ ليكونَ الذراعَ الحيويَّ والفاعلَ لمؤسسةِ القمة، وأنْ تُمكِّنَهُ مِنْ أنْ يعملَ باستقلالية، وأنْ تأخذَ رؤاهُ وتصوراتِه بالاعتبار، بل وتأخذَ بها في القراراتِ الصادرةِ عن القممِ العربية، وأنْ يُعاملَ الاتحادُ على أنَّ دورَهُ يتجاوزُ مسألةَ التشريعِ على المستوى العربي، إلى القناعةِ بأنَّهُ خزانُ تفكيرٍ ومؤسسةٌ قادرةٌ على إبداعِ الأفكارِ الجديدة، والخلاقة، التي يُمكِنُها أنْ تُعينَ الأنظمةَ ومؤسَّسةَ القمةِ على اتخاذِ القراراتِ التي تُعظِّمُ مِنَ الشأنِ العربي، ومِنْ شأنِ اتجاهاتِ الرأيِ العامِّ العربي.
الأخواتُ والإخوة،،
إنَّ الواقعَ العربيَّ اليوم، صعبٌ وعصيب، وتحيطُه الأخطارُ مِن كلِّ جانب، دُوَلُهُ بعضُها ممزق، والآخرُ يُرادُ لهُ أنْ يُمزَّق، والفوضى تضرِبُ في الأرجاء، والمستقبلُ غامض، والأفُقُ يكادُ أنْ يكونَ مسدودا، والإرهابُ كما الأطماعُ الخارجيةُ ماثلةٌ أمامَنا..
ولا نظنُّ أنَّ الخلاصَ والإفلاتَ مِنْ هذا الواقعِ سهلٌ ويسير، ولن يكونَ سهلا يسيرا مالَمْ تتوحدِ الأمةُ وتعالجَ مشاكِلَها الواسعةِ والمتنوعة، سياسيا، واقتصاديا تنمويا، وفكريا ثقافيا، واجتماعيا، لأنَّ هذهِ المُحددات، وهيَ مُعتلةٌ ومُختلَّة، بيئاتٌ لكُلِّ تطرفٍ وتشدُُّد، والسبب في استجلابِ كلِّ تدخلٍ خارجي، ذلكَ التدخلُ الذي لا يُقيمُ لمصالحِ دولِنا وشعوبِنا وزنا كافيا، بالقدْرِ الذي يُقيمُ كلَّ الوزن، أو أغلبَهُ لمصالِحِه.
ذلك كلُّه، يمكِنُ أنْ يساهمَ اتحادُنا في تجاوزِه، إذا ما نُظِرَ إليهِ كشريكٍ في القرارِ العربي، وإذا ما أُتيحت لهُ الفرصةُ للمشاركةِ في تطويرِ الأفكارِ والاتجاهاتِ والتوجهاتِ السياسيةِ والاقتصاديةِ والثقافيةِ والاجتماعيةِ العربية، وإذا ما مُكِّنَ مِنْ أنْ يلعبَ دورَهُ التشريعيِّ بالصورةِ الصحيحة، وإذا ما ترسختْ القناعةُ أنَّ الاتحادَ وبرلماناتِهِ سلطةٌ وهيئةٌ وسيطةٌ بين الشعوبِ والأنظمة، وبينَ الشعوبِ ومؤسسةِ القمةِ العربية، فالاتحادُ والبرلماناتُ تملكُ كلَّ أسبابِ النجاحِ في التشبيكِ وبناءِ التشاركيةِ الحقيقيةِ والفاعلةِ بين القاعدةِ الشعبيةِ وهرمِ السلطة، وتُوفِّرَ عمقاً كافياً للأنظمةِ وهْيَ تواجهُ تحدياتِ الخارجِ وأخطارِ الداخل.
نعم، ليسَ مِنْ سببٍ يحولُ دونَ أنْ يأخُذَ اتحادُنا مكانَهُ ودوره، بل يجبُ أنْ يأخذَ هذهِ المكانةِ وهذا الدور، ليس لهدفٍ ذاتيٍّ شخصيٍّ للاتحادِ وقادتِه، وإنَّما لهدفٍ عروبيٍّ بحت، تقتضيهِ الظروفُ الراهنة، وتستدعيهِ الحاجةُ إلى مؤسسةٍ شعبيةٍ برلمانيةٍ مرنةٍ وفعالةٍ وإبداعية، تُسهِمُ في تجاوزِ الأزْماتِ والمآزقِ التي تضرِبُ في قلبِ استقرارِ المنطقةِ ومستقبّلِها، فهذِهِ مسؤوليةٌ كبيرةٌ وواجبة، والتاريخُ سيُثَبِّتُ في صفْحاتِهِ للأجيالِ القادمة، أنَّنا قصَّرنا، أو تخاذلنا، بالقدْرِ الذي سيُثَبِّتُ فيهِ أننا عمِلنا وأنجزنا وشاركنا في النهوضِ وتجنيبِ بلدانِنا وشعوبِنا الأخطار.. هذهِ مسؤوليةٌ نتحمَّلُها بقدْرِ ما تتحمَّلُها الأنظمةُ العربيةُ ومؤسسةُ القمةِ العربيةِ التي ليسَ مِنْ خيارٍ أمامَها، إِنْ أرادت اتِّباعَ المسارِ الصحيح، إلاّ أنْ تستفيدَ مِنْ اتحادِنا وقُدْراتِنا، وما يتوافرُ لهُ مِنْ إمكانياتٍ للمساعدةِ والمشاركةِ في تصميمِ الاتجاهاتِ الإيجابيةِ لبناءِ مستقبلٍ أفضلَ لمنطقتِنا ودولِنا وشعوبِنا..
الأخواتُ والإخوة،،
مرةً أخرى، أُزجي إليكُم خالصَ تقديري واحترامي، وعظيمَ شُكري وثَنائي، على تكريمِكُم، فهْوَ عندي محلُّ اعتزازٍ وفخار، وأُزجي إليكُم الشكرَ على إتاحةِ هذهِ الفرصةِ لأخاطِبَكُم، وأتشاركَ معَكُم، بعضَ ما أُفكِّرُ فيهِ وما يجولُ في ذهني، إزاءَ اتحادِنا، وإزاءَ واقِعِنا العربيّ.. فالاتحادُ بما يُمَثِّلُهُ مِنْ أوزانٍ سياسيةٍ واجتماعية، هُوَ المؤسسةُ التي تعكِسُ حقيقةَ ومواقفَ الشعوب، وما تأملُه.
والسلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه
عبدالهادي المجالي