هل عبرت مصر إلى بر الأمان؟!
صبري الربيحات
09-04-2016 02:42 PM
المنطقة العربية تعاني برمتها من آثار الازمات والحروب والصراعات التي تأججت وأُججت خلال الاعوام القليلة الماضية.. بعض المجتمعات العربية غرقت في أديم الصراع وبعضها خرج ولم يتعافَ والبعض الآخر قلق على ما يمكن ان تحمله له الايام.
مصر التي كانت محط انظار العالم خلال سنوات الربيع العربي وبعد ان نجحت في ترجمة ارادة شعبها الذي بحت حناجره وهو يهتف لاسقاط النظام صححت ثورتها فوجدت نفسها امام سيل من المشكلات الاقتصادية والادارية والتنظيمية التي ولدها الوضع المحلي وتداعياته الاقليمية، فارتفعت اسعار الطاقة وتراجعت السياحة وخفضت قيمة الجنيه وارتفعت المديونية وتعالت صرخات رئيسها الذي نادى باعلى صوته الجميع بأن يصبحوا على مصر بجنيه.
أمام حالة التذمر الشعبي من الاوضاع السائدة وتعثر برامج التنمية وخططها الطموحة وقلة تأثير جرعات الدعم والمساعدة التي قام بها العرب والاصدقاء جاءت زيارة خادم الحرمين الملك سلمان لمصر لتجدد الامل وترفع الروح المعنوية للشعب وتجدد الثقة بانبعاث الاقتصاد المصري الذي كاد ان يلامس عتبات القنوط.
الزيارة الملكية السعودية تكتسب قيمة استثنائية في توقيتها وشكلها وطريقة اخراجها ومضامينها ونتائجها واستطيع ان اجزم بانها اهم زيارة يقوم بها زعيم عربي لبلد عربي اخر منذ ان نشأت الكيانات العربية ونشط الزعماء في زياراتهم البروتوكولية الخالية من التصورات للتعاون والتنسيق الجاد.
على غير عادة الزعماء العرب جاء اللقاء المصري السعودي ليبلور علاقة تشاركية جديدة يتبادل فيها الطرفان الدعم ويقدم كل منهما للاخر ما يحتاج بعيدا عن عقلية المانحين والمستفيدين التي سيطرت على العلاقات الخليجية العربية عبر ما يزيد على خمسة عقود.
الملك السعودي جاء وفي جعبته تصور لما يمكن ان تقدمه المملكة للشقيقة الكبرى في جوانب الطاقة والتعليم والصحة والزراعة والنقل والسياحة ضمن حزمة تتجاوز قيمتها عشرات المليارات..
ويتوقع المواطن المصري ان يشهد سوقه انفراجا في اسعار الوقود والنقل والتجارة والسياحة وربما الامن والبطالة وغيرها.
بموجب العرض السعودي ستتلقى مصر منحة نفطية لخمس سنوات بقيمة 20 مليار دولار ودعما لمشروعات الزراعة والتعليم بما يزيد على 4 مليارات وجسرا بريا يصل اسيا بافريقيا بعشرات المليارات اضافة الى تدعيم ثقة المستثمر السعودي والعربي والمصري والعالمي بالبيئة الاستثمارية المصرية.
بالمقابل تتطلع السعودية الى دعم مصر لمواقف المملكة في الملفات العسكرية والامنية المتمثلة في حرب اليمن والتحول في سوريا اضافة الى الوقوف في وجه التمدد الايراني في المنطقة..
ما يحدث على الساحة العربية اليوم يحمل الكثير من الرسائل السياسية للعالم ودول الاقليم وللشعوب العربية وله تأثيرات بالغة على خريطة التحالفات ومستقبل المنطقة.
كيف سيستقبل العالم والقوى الفاعلة فيه ما يحدث وهل ستجري الرياح بما تشتهي السفن.. سؤال ستجيب عنه الايام.