وردت مفردات "الإسلام. المسلمون. الإسلامية" 8 مرّات في المبادئ والقواعد العامة لمشروع حزب "زمزم" الأردنيّ، وهذا طبيعيّ، نظراً إلى ثقل الشخصيّات الخارجة على "الإخوان المسلمين" أو المطرودة من الجماعة في التكوين العام لـ"زمزم".
اللافت أنَّ المؤسسين، لم يأتوا على ذكر "المسيحية، أو المسيحيين" ولو مرةً واحدة في الأدبيات العمومية للحزب العتيد، الذي ما يزال في إطار مبادرة لـ"البناء"، واتخذَ صبغةً مدنية، أغرتْ بعضَ العلمانيين.
حرصَ الذين كتبوا الأدبَ التنظيريّ على إخفاء المسيحية وراء مفردات، مثل "العروبة، غير المسلمين". أي إخفاء الثقافة المسيحية، وتراثها وتقاليدها الراسخة في الوجدان الأردني، التي يمثلها نحو 400 ألف أردني مسيحيّ، على قاعدةٍ كلاسيكية مألوفة في خطابات الإسلام السياسي، تنفي الهوية المسيحية للعرب، وتحصرهم في تعبير "الهويّات الفرعية" التي تضمهم في إطار الإسلام، دون خيارات، وحتى دُونَ سؤال التاريخ نفسه.
"زمزم" قالتها بكلِّ وضوح في المادة الاولى من مرجعيّات الحزب:"الإسلام هو الإطار الحضاري الواسع للأمة بكل مكوناتها، كما يمثل المرجعيّة القيمية العليا التي تعد مصدراً لثقافة الأمة وهويتها الجامعة، التي تستوعب الجميع مسلمين وغير مسلمين على درجة سواء".
مؤسسو "زمزم" لم تنقصهم الحيلة التقليدية في تخبئة المسيحية والمسيحيين في جملتهم السياسية، فقد غازلوا المسيحيين والعلمانيين، وقالوا إن "الحزبَ مدنيّ" في إطار لعبةِ الإخفاء إياها، مستعيرين هذه المرة مفرداتٍ جاذبة، مثل "المواطنة" و "احترام التنوع، وصيانة التعددية، وتعزيز قيم العيش المشترك". لكنَّ المسيحية غائبة تماماً في الوضوح، في مقابل حضور الإسلام وإطاره المرجعيّ الرئيسيّ.
هذا خطابً دينيٌّ استعلائيّ آخر، شديد التناقض والدهاء، بمنطق الأكثرية وهيمنتها..