عمّان، والانتماء إلى مكان طيب للعيش
جميل النمري
26-07-2008 03:00 AM
أسعدني ما كتبه زميلنا إبراهيم غرايبة في مقالين عن تطوير هوية عمّانية تقوم على خلق ارتباط بالمكان والبيئة والمصالح. واستفزني لأتابع الحديث في الموضوع الذي يعني حياة كل العمانيين.توسعت عمّان عشوائيا من دون خارطة - مخطط اجتماعي اقتصادي ثقافي سياحي وعليه انتهينا إلى الوضع التالي:
ليس هناك أحياء أو مناطق أو شوارع ذات تخصص معين باستثناء التكاثر العفوي وغير المدروس لمحلات تجارة معينة في بعض الشوارع، مثلا معارض الأثاث في بعض الشوارع أو معارض الكهربائيات أو معارض السيراميك والأدوات الصحيّة في غيرها.. الخ. وهذا ليس سيئا لكن يمكن تطويره والبناء عليه بتحديد الشوارع التي يرخص فيها لنوع بعينه من المحلات.
لا يوجد حيّ أو شوارع بعينها لمحلات الترفيه والكوفي شوب والنوادي وما شابهها فهي تتركز أو تتوزع عشوائيا في كل مكان، فلقد توسعت الحياة المسائية في عمّان وتكاثرت المحلات, وكثيرا ما تحدث شكوى من الجيران بسبب هذا المحل أو ذاك. ويمكن تطوير مشروع لتركيز هذه المحلات على مواقع أو شوارع بعينها تشتهر كل واحدة منها بلون معين ونموذج شارع الرينبو يذهب نسبيا بهذا الاتجاه. وقد تكون الحوافز والتسهيلات بديلا للإلزام، أو بوجود نظام يربط بين الأماكن ونوع المحلات وسيجد أصحاب هذا البزنس مصلحة في ذلك.
يجب تعزيز الفصل بين الأحياء السكنية والتجارية ثم يكون لكل حيّ سكني مركز تجاري تتواجد فيه كل الخدمات والمهن الضرورية بديلا للوضع الحالي الذي يرخص فيه تجاريا لشوارع بطولها أو يسمح فيه برخصة تجارية لمهن بعينها في أي قطعة بلا استثناء. وها إن المولات تتكاثر من دون تصور مسبق لأماكن تواجدها الذي يفترض أن يلحظ جملة من الاعتبارات وليس فقط الفرصة التي توفرت للمالكين بالحصول على قطعة الأرض هناك.
لا يوجد الآن أي رابط أبدا للسكان بالحيّ الذي يقطنونه. ويجب أن يذهب التطوير باتجاه وجود مركز أو قلب لكل حي، قلب يوجد فيه مركز تجاري بديل للمحلات المبعثرة هنا وهناك، ويجب أن يكون هناك مجمع للدوائر الحكومية يختصر على السكان مراجعة المركز الرئيس للوزارة أو الدائرة، وناد اجتماعي ثقافي ورياضي تملكه الأمانة ويرتبط باسم الحيّ وتتوفر فيه مرافق وصالات للأنشطة المختلفة والاجتماعات ولخدمة الاحتياجات والمناسبات الاجتماعية بما في ذلك مجالس العزاء مثلا حيث يلجأ الناس الآن إلى إقامة السرادق أو الذهاب إلى مقرات بعيدة للجمعيات العائلية.
حتى الآن تنتخب كل منطقة ممثلا وحيدا لها في مجلس أمانة العاصمة، ونسبة المشاركة متدنية للغاية ولا يشعر السكان بأي أهمية لها وقد حان الوقت لانتخاب مجالس أهلية استشارية على مستوى الأحياء أو المنطقة تمثل أبناء الحي وتبحث شؤونه مع الأمانة واللجنة المحلية وتطلع على الخطط وتناقش الخدمات والمشاكل الخاصّة بالسكان، ويكون لها مقرّ في قلب الحيّ يمكن للمواطنين مراجعته للتشاور وطرح مشاكلهم وطلباتهم واقتراحاتهم.
كل ما تقدم أعلاه خواطر نطرحها على سبيل المثال وكتوطئة للاقتراح الأساس بإنشاء لجنة داخل الأمانة بمشاركة بعض الفعاليات المهتمة والمختصّة اجتماعيا في هذا الشأن لتخرج بتصورات تترجمها الأمانة إلى خطط وأنظمة وتشريعات سترسم جنبا إلى جنب مع المخطط الشمولي الذي أنجزته الأمانة صورة عمّان مكانا طيبا للعيش يحبّها أهلها وزوارها.
الغد