هل الوقت مناسب لشراء الذهب؟
زياد الدباس
05-04-2016 04:24 PM
على مر التاريخ يعتبر الذهب ملاذاً آمناً في أوقات الاضطرابات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية وأوقات عدم اليقين، إضافة إلى اضطرابات أسواق صرف العملات، ومن العوامل الهامة التي تلعب دوراً مؤثراً في ارتفاع وانخفاض سعر الذهب خلال هذه الفترة تحركات سعر الدولار وتباطؤ أو تعافي الاقتصاد العالمي، إضافة إلى تحركات سعر الفائدة الأمريكية، حيث أبقاها مجلس الاحتياطي الأمريكي قرب الصفر منذ عام ٢٠٠٨ لتحفيز الاقتصاد، إضافة إلى انخفاض أو ارتفاع مستوى التضخم وأداء الأسواق العالمية.
وعام ٢٠١٣ أنهى سعر الذهب ١٢ عاماً من المضاربات والارتفاعات المتتالية في سعره فتراجع بنسبة ٢٨٪ خلال عام ٢٠١٤، بينما تراجع سعره بنسبة ١٠٪ عام ٢٠١٥ وهو أدنى مستوى للسعر خلال ست سنوات وحيث هبط السعر إلى حوالي ١٠٤٥ دولاراً وتوقع المحللون في ذلك الوقت هبوطه إلى ١٠٠٠ دولار أو أقل.
وخلال هذا العام حقق سعر الذهب مكاسب كبيرة بلغت نسبتها ١٥٪ وهو الأداء الأفضل على أساس فصلي منذ ٣٠ عاماً بالرغم من أن سعره هبط إلى ١٢١٢ دولاراً في نهاية الأسبوع الماضي وهو أدنى مستوى خلال شهر أي منذ ٢/٢٦ وتسجيل أكبر خسارة أسبوعية منذ أوائل شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي نتيجة انتعاش الدولار وتسجيله أطول موجة صعود امتدت من شهر إبريل/ نيسان عام ٢٠١٥، وحيث ارتفع مؤشر الدولار إلى ٩٦,٣٦ في ظل توقعات رفع سعر الفائدة الأمريكية مرتين على الأقل هذا العام.
والعلاقة العكسية بين الدولار والذهب سببها أن الذهب هو من أدوات التحوط الهامة ضد مخاطر تغير معدل صرف العملات بينما يلعب ارتفاع سعر الفائدة الأمريكية دوراً سلبياً في تحركات سعر الذهب، حيث تصبح الأدوات التي تدر فائدة مثل السندات الأمريكية أكثر جاذبية من الذهب باعتبار أن الذهب معدن عقيم لا يولد أرباحاً ذاتية أو عوائد شهرية أو سنوية ما يجعله أقل قدرة على منافسة الودائع الدولارية ذات العائد. وتوقيت قرار رفع الفائدة الأمريكية استناداً إلى العديد من التقارير يلوح في الأفق، ومن المتوقع أن يتم الرفع الأول هذا العام خلال شهر إبريل/نيسان وقرار الرفع لا يحتاج سوى تقرير قوي للوظائف خلال هذه الفترة ونسبة تضخم ثابتة في ظل تحسن سوق العمل بشكل ملحوظ منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي كما أن انخفاض نسبة التضخم تفرض على مجلس الاحتياط الفيدرالي التخلي عن سياسته المالية المتشددة مع العلم أن الدراسات أثبتت العلاقة الموجبة بين التغير في سعر الذهب ومعدل التضخم الأمريكي نتيجة تأثير التضخم في القوة الشــرائية للدولار، وبالتالي فإن ارتفاع معدل التضخم يساهم في ارتفاع سعر الذهب نتيجة ارتفاع الطلب عليه بدافع التحوط ضد مخاطر التضخم.
وبعض الخبراء أكدوا أن سعر الذهب مرشح للارتفاع إلى مستويات لم يشهدها منذ عدة سنوات بعد المكاسب الكبيرة التي حققها هذا العام واختراق سعر الذهب حاجز المقاومة السعري الرئيسي لهذا الشهر قد يرفع سعر الأونصة إلى ١٤٥٠ دولاراً في حال استمرت الاضطرابات في أسواق المال نتيجة تراجع سعر النفط وتقلب أسعار العملات وتباطؤ الاقتصاد العالمي وتأجيل رفع سعر الفائدة.
ومازالت حالة من الانتظار تسيطر على قرارات المستثمرين في الذهب من أجل التأكد من استقرار سعره وتوفر الأساسيات التي تدعم ارتفاع هذا السعر، مع العلم بأن حيازات الصناديق المتداولة في البورصة المدعومة من الذهب ارتفعت إلى أعلى مستوياتها خلال ١٧شهراً إضافة إلى الإقبال الكبير للمستثمرين السويسريين على شراء حصص في صناديق المؤشرات المتبادلة الخاصة بالذهب بحيث بلغت كمية الذهب التي اشتراها المستثمرون السويسريون منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي حوالي 1500 طن وهو مؤشر على ثقة المستثمرين العالميين بالاستثمار في الذهب، وفي ظل استمرارية تعدد وتنوع العوامل التي تؤثر في تحركات سعر الذهب سواء بالارتفاع او الانخفاض خلال هذه الفترة فإنه يصعب تحديد التوقيت المناسب لشراء الذهب وخاصة للمضاربين بينما يفضل عدم تجاوز حصة الذهب من إجمالي موجودات المحافظ الاستثمارية الكبيرة حاجز ١٠٪. وللحديث بقية.
"الخليج الاقتصادي"