علنية الوسيلة وسرَية مالكها نظام الاعلام الجديد
عمر كلاب
05-04-2016 02:51 AM
لن يكون الاعلام ووسائله المتعددة خارج طموحات الساسة، فصناعة الرأي ستبقى السلعة الاغلى سياسيا , والانفاق عليها اثبت نجاحه وتحقيق مقاصده ولن يكون الاستثمار في الاعلام محكوما بنظم بعينها او حكرا لغيرها فهذا باب واسع ومنسوب المنظومة القيمية فيه محدود بالضرورة , فكل نظام يسعى الى رسم صورة انطباعية في ذهن مواطنيه وفي ذهن الشعوب الاخرى والصورة الانطباعية ليست بالضرورة حقيقة , تحديدا اذا كان النظام السياسي يحمل طموحات خارج الجغرافيا السياسية التي يحكمها كما حصل مع انظمة شرق اوسطية تحلم بتمدد نفوذها او تحلم بالتغلب على الجغرافيا الصغيرة والمتواضعة بدور سياسي يفوق مساحتها الجغرافية ولا وسيلة انجح من الاعلام لتحقيق هذه الغاية.
قبلنا او رفضنا، فإن ابرز ظاهرة انتجت الوعي بالسلاح الاعلامي كانت قناة الجزيرة التي منحت دولة صغيرة مساحة حضور تفوق مساحتها الجغرافية الاف المرات وصارت هذه الامارة الصغيرة حاضرة في المشهد العربي والعالمي بل واصبحت لاعبا رئيسا في كثير من الملفات السياسية من الشيشان الى غزة مرورا بسوريا والعراق واليمن , فالمال الفائض والاعلام المنتشر حقق ما عجزت عنه جيوش تاريخية ولا يمكن ادانة السلوك السياسي هنا لان الجميع يبحث عن دور خارج الجغرافيا فنحن لسنا ملائكيين حتى ندين الفكرة الا اذا كانت الادانة نابعة من قصور على محاكاتها ومجاراتها رغم محاولات دول كبرى مثل روسيا وتركيا ودول خليجية الاستثمار في الاعلام بعد ظاهرة الجزيرة.
ظاهرة حاجة الساسة الى الاعلام ظاهرة لا تُفنى ولكن تُستحدث , فتراجع قناة الجزيرة وانحسار تأثيرها وتقليص موظفيها مثلا لم يدفع صانعيها الى الفرار من المشهد بل الى استحداث وسيلة جديدة تقوم بنفس الدور والمهام باسم جديد غير موسوم يلبس طاقية اخفاء الاسم الداعم للاستفادة من تبعات انكشاف ممول الجزيرة وداعمها وتحميله تبعات اخبارها وتقاريرها , فظهر نموذج الكتروني يحمل نفس المضمون والدور اسمه “ ميدل ايست آي “ حسب ما نشره موقع “ذيناشيونال” الإماراتي , على عهدة الزميلة عمون , ومارس هذا الموقع شغبا سياسيا ازعج الحالة السياسية المحلية مثلا ودفعها الى كسر سلوكها بعدم الرد فأصدرت بيانا توضيحيا حول سلسلة اخبار غير صحيحة نشرها الموقع الذي يرأسه الصحفي البريطاني والمراسل السابق لصحيفةغارديان،ديفيدهيرست.
السياسة لا تستغني عن الاعلام وتبقى العلاقة من يكون ظلاً لمن , فهل يكون الاعلامي ظلاً للسياسي ام يتشاركون في الاهداف ويختلفون في الوظيفة والدور , وحتى تاريخه قلة من الاعلام كان شريكا واغلبه مارس دور الظل بحكم التمويل والتغذية , وبحكم سطوة السياسي في بلادنا العربية واحتكاره للمعلومة والنفوذ والمال دون وجود قوانين ناظمة تحمي حق الجمهور في المعرفة وتسمح بالوصول للمعلومة دون ارباك وارتباك كما الحاصل فعلا , فمعظم دوائر الاعلام ما زالت شكلية ومحافظة على نمط اخباري ملّه الجمهور والاعلام على حد سواء فلم يعد يستخدم جملة “ تهم الطرفين “ الا الاعلام العربي الرسمي المدجج بالقاب التفخيم للرسميين.
دعم وسائل الاعلام سرّا وعلانية سلوك موجود في كل دول العالم وفي الدول الواعية يكون دعم الاعلام مربوط بالمقدرة على التنافسية والابتكار المهني وتوفير الوسائل اللازمة لذلك والتفكير خارج الصندوق , وما زلنا بحاجة الى وعي زائد في ضرورة دعم الاعلام وتقويته وتوفير سبل انتشاره ليكون سلاحا فعالا سبق وان حققنا نجاحات باهرة من خلاله قبل ان يصيب المسؤول الاردني لعنة الفرنجي برنجي التي ندفع ثمنها حاليا في ظل غياب وسيلة اعلام قوية قادرة على التأثير بدل توجيه اللعنات الى الاعلام غير المهني.
الدستور