إلى من كان بعد الله تعالى له الفضل في وجودي............
........ إلى من رباني صغيراً .... ورعاني شاباً ..... وصاحبني كبيراً
إلى طيب القلب و النخوة و الحب والعطاء.........
أبي.. أيها السامق في قلبي رغم الغياب......يا روحًا أحببتها وما كفاني فيها العشق ارتواء
أبي.. يا نورًا وهبني بعض ضوءه..................... وبعضًا من بركات السماء
كل الحزن أقل من وقع فقدك وسطوة رحيلك .... فحدث نيسان أصعب على النسيان........
هل تجرؤ الذاكرة ألا تذكرك فيه؟
ليس رثاء متأخرًا ما أكتبه الآن ..... ليس تمجيدًا لك أو بحثا عن أمثالك في هذا الزمان,بل أكتب سعيًا للتخلص من آهات الحنين والوجدان.
بعض الرجال يولدون في الزمن مرة واحدة لا تتكرر............ و أنت منهم يا أبا عمر
فراقك لم يكن سهلا أبدًا،ترك فراغًا في مسعاك في دروب الخير والإحسان
وقد ورثنا عنك المحبة والصدق والعزة والكرامة ،وكنت للمحبة عنوان ......
فرحم الله قلبك ونفسك وروحك
رغم صعوبات حياتك في ريفنا وباديتنا ، كنت نظيف اليد....عفيف اللسان ......
مرفوع الرأس … خدمت أهلك ووطنك فارسًا وجنديًا في جيشنا العربي بكل شرف
وأمانة...... عشت نفحات عروبة الأمة وحملت أوجاعها، وتغنيت في شعرك بالوطن وأمجاده،والقيادة ومكارمها،والسهول والدحنون والرمان............
رسمت بزهو وبهاء شيخ الديرة والعشيرة،وثقت عرى الأخوة والقربى ....... فتركت سيرة عطرة مشرفة … ، وأيادٍ بيضاء تعمل في الخير ، قد سبقتك إلى الله أعمالك و دعوات أناس كنت لهم بالسر عونًا ، يدعون لك بالرحمة و المغفرة والجنان.
كنت وما تزال موجودًا في واقعنا ومع من أحبك من الأبناء والأحفاد والجيران وأبناء بلدك ، فقد كنت إنسانًا بكل ما تعنيه الإنسانية من معان سامية ، متسامحاً مع حسادك قبل أصدقائك... كانت روحك تسمو فوق الضغائن........ وللعفو كانت روحك عنوانًا.
...علمتنا أن الحب يكمن في الصدر ، والصدر يحمل قلبًا يضيئه الحب الصادق
...علمتنا كيف نختلف ونحترم آراء بعضنا البعض ، وأن الرأي فينا نابع من فكر أصيل يحمل تراث أمتنا ، وأن نتمثل قيمنا العربية وشريعتنا الغراء .......
...علمتنا كيف نسمو بأرواحنا محلقين في سماء الكون نبحث عن مرضاة الله دون مرضاة البشر...... فكأنك طير محلق في الفضاء يمكث بين أوراق الزمن ودفاتر الأيام ...... يتنقل بصبر وطموح ومسؤولية ، دون الركون إلى أحد سوى التوكل على الله وحده.
والدي ، أحاول أن أسترجع الزمن في ذاكرتي........فكل يوم يمر بي يذكرني بعبقك وريحانك ورجاحة عقلك ، وسمو خلقك،وثمار عملك،ومواقفك ناصعة الطهر والرجولة في ميادين الحياة.
فما عسانا أن نفعل سوى أن نقول لك : سلام على روحك الطاهرة النقية،سلام من أمي وسلام من كل محبيك.....، سنسير على خطاك بثبات وشموخ كما كنت شامخًا........
نم وادعًا...... سنعيش على ذكراك.... فقد تركت فينا همة باقية وعملاً في سبيل الخير وسلوكًا على طريق الفضيلة و الهدى بعون الله .
وإننا في هذه الذكرى لا يسعنا إلا أن نرفع أيدينا إلى الله العلي القدير نسأله أن يتغمدك بواسع رحمته وغفرانه وأن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة.
رحمك الله يا والدي.