في ظل غياب الاستراتيجيات فإن الخطط التي وضعتها وتضعها الحكومات بغض النظر عن كونها فصلية أو سنوية أو عقدية ( العقد 10 سنوات) فإن كافة هذه الخطط عند انتقالها إلى أرض الواقع تغدو سراباً وكأن لم تكن،حيث لم تحالف الحكومة أية حظوظ لتطابق النتائج الحقيقية مع ما وضعته الحكومة من خطط،دائماً هناك انحرافات بإتجاه السلبية،ففي موازنة 2015 تحدثت الحكومة عن إيرادات 7,4 مليار وكانت الإيرادات الفعلية 6,8 بفارق يزيد على نصف مليار.
وبذلك تضاعف عجز الموازنة ليصل إلى 915 مليون بدلاً من 468 مليون، هذا فيما يخص وزارات ودوائر الحكومة ، أما المؤسسات والهيئات المستقلة فعلى العكس زادت الإيرادات من 0,81 مليار إلى 1,238 مليار دينار،وبذلك فإن ضبابية الرؤيا وعدم الوضوح كانا دائماً يحولان دون تحقق البرامج والخطط التي تضعها الحكومات وبالتالي فقدان الثقة في نجاعتها لم يقتصر الأمر على عام 2015 ، ففي عام 2014 كان انخفاض الإيرادات الحقيقي مقبول نسبياً أما في عام 2013 فكان الإنحراف بحوالي 400 مليون نقص في الإيرادات وفي عام 2013م (750) مليون ، ومع ذلك فقد وضعت الحكومة خطة للعشر سنوات القادمة وقد نوهنا في حينه أنه لا يمكن لأحد أن يتنبأ لمستقبل المنطقة لستة أشهر قادمة فكيف بوضع خطة عشرية من الصعب تحديد ما يُستجد منها حتى في ظل أوضاع مستقرة نتيجة للتطور المستمر في التكنولوجيا الإقتصادية والتكنولوجيا المالية، وها قد لمسنا أننا وقبل نهاية السنة الأولى من وضع الخطة إن ما خططنا له في واد والنتائج الفعلية والأرقام الواقعية للعجز والمديونية في واد آخر.
ما يدعو للتساؤل في أرقام وزارة المالية ويدعو لعدم التفاؤل أيضاً عندما تتحدث أرقام الوزارة عن زيادة المديونية 2,3 مليار دينار رغم أن العجز في موازنة الحكومة لعام 2015 حسب جداول إعادة التقدير 915 مليون دينار، والعجز في موازنة المؤسسات والهيئات المستقلة أو الوحدات المستقلة كما تُسميها الوزارة حسب جداول إعادة التقدير أيضاً 482 مليون دينار، فإذا جمعنا العجزين نصل إلى 1,397 مليار ، فلماذا زادت المديونية 2,3 مليار ؟؟! هناك فرق 903 مليون دينار بين مجموع العجوزات وزيادة المديونية، و الأرقام كلها من بيانات وزارة المالية،وفي المقابل وبعد أن رفعت الحكومة الدعم وفرضت الضرائب وأوقفت الرقابة على الأسعار تلوح في الأُفق بوادر لإجراءات جديدة في هذا الاتجاه في ظل سوق كساد لكافة السلع والخدمات بما يزيد الحال تعقيداً ، إن استخدام هذه السياسات مُجدداً كارثة اقتصادية بالمعنى الحقيقي والمطلوب من المواطن دائماً شدّ الأحزمة .