facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




رجل وطنه الكلمات .. "آل عمّان" * سليم النجار

04-04-2016 01:17 PM

ارتشفت من فناجين القهوة، حتى صار النوم قمة يقظتي. أحرقت من السجائر، ما أشبع حنيني إلى الرماد. مزقت من الصفحات، ما يكفي بناء بيت من الورق، لم أهتد إلى «القطفة» الأولى من كلماتي من أجل كتابة هذا المقال.
كان لا بد لي من رحلة طويلة مضنية، على كل مرافئ اللغة، وموانئها. لم يكن هناك مفر من غربتي الحادة في الكلام، وأنا أكتب عن رجل وطنه الكلمات.
أحاول أن أكتب عن «أحمد سلامة»، وهو يستعد حاليًا إشهار كتابه «آل عمان». ولكن لن أخوض في الكلام عن الكتاب المنتظر.
لكن كيف؟ هل يمكن للكتابة، أن تكتب نفسها؟!
«أحمد» ليس رجلاً حاول الكتابة أن يضع وجوده النار المتفرد. بل كان هو «الكتابة» في ذروة تألقها وعصيانها وافتضاح أسرارها.
«الكلمة» عند سلامة، هي الكلمة السلسة العميقة مثل جذور الشجر.. الموحية بالتمرد المشعة بالحكمة..
النازفة عشقا النابضة بالغضب الثائر.. وأشجان الغناء هو «الكلمة»، المنطلقة ضد احتلال الأوطان.. وضد استعمار النساء.
إن عمّان والعشق والحياة عند «سلامة» هي موقف من الحياة بكل تفاصيلها اللا نهائية المرتبطة ببعضها البعض. لكن الغالبية، يعجزون عن رؤية هذا الارتباط. بمعنى أن من يؤلمه عصفور مسجون في قفص يؤلمه بالدرجة نفسها. امرأة تعامل كالجواري..
كتب «أحمد» صورة عمّان عندما تتألف كالبناء السينفوني من ملايين الأشياء..
ابتداء من حبة المطر إلى مكاتيب الحب إلى رائحة الكتب.. إلى طيارات الورق.. إلى حوار «الصراصير» الليلية إلى المشط المسافر في شعر حبيبتي.. من يرصد تجربة الرجل الإعلامية والثقافية، يكتشف أنها تتلخص في أربع نقاط:
إنها ثقافة تجزيئية برجماتية وضعية تنسية تفتقد الأسس الموضوعية والرؤية الكليّة الشاملة والحسّ الاجتماعي والوطني، أو هي ذات حس وطني شوفيني انفعالي زائف خالٍ من الوعي الموضوعي.
إنها ثقافة لحظية آنية جامدة أحادية تفتقد الحس التاريخي الشامل ذا الخبرة المتراكمة والثقافية. إنها ثقافة استهلاكية استمتاعية سطحية فردية تفتقد الحسّ العميق بالهوية الذاتية والقومية، ولهذا فهي ثقافة شكلية مغتربة، وهي ثقافة مهرجانية أكثر منها ثقافة تأسيس لوعي ولقيم قومية وإنسانية.
أحمد سلامة عاشق للموسيقى، وهو الذي تحدث عنها بلهجة عمّانية، عن «الست أم كلثوم» وأعطاها حقها العمّاني، وبمناسبة الحديث عن «أم كلثوم» تمر هذه الأيام الذكرى الخمسون لوفاة محمد القصبجي. القصبجي لم يكن ملحنًا عاديًا ويكفيه فخراً أنه أستاذ أم كلثوم وعبد الوهاب. ولولا القصبجي كانت ظاهرة الست.. فهو من استمع إليها وهي ما زالت بالعقال على رأسها عام 1924 فتبنى صوتها بألحانه من أول «قال أية حلف ما يكلمنيش» وأسس لها فرقتها وتولى رئاستها حتى قبيل وفاته بفترة بسيطة. نسج سلامة، بين يافا وعمان في «آل عمان» فكان العنوان «أم كلثوم» الأول في يافا، أُطلق عليها كوكب الشرق، وهي تؤدي حفلاتها قبل نكبة 1948. وأحمد سلامة في عمان، أطلق عليها... عمانية الرؤية.
ومن الصعب أصلاً أن تجد كاتبًا ليس شغوفًا بالموسيقى والأمثلة عديدة، بداية من حرص نجيب محفوظ على دراسة الموسيقى العربية وتعلم العزف على آلة القانون وليس انتهاءً بقدرة كونديرا على دراسة تاريخ الرواية الأوروبية في ارتباطه بتاريخ الموسيقى الكلاسيكية وقد صرّح ماركيز ذات مرّة بطموحه مع إحدى الروايات وكأنها قطعة من موسيقى (البوليرو). تظل الموسيقى لغة عالمية قادرة على تجاوز الحواجز والثقافات أكثر من أي فن آخر، كما شيَّدها أحمد سلامة في (آل عمّان). ولئن جاء كتاب «آل عمان» متكئا على وقائع تاريخية لمكان محدّد – مدينة عمان – يشيد أحمد سلامة ظروف الحياة الخاصة بشخوص معينة، بعواطفها وردّات فعلها المخصومة، مبيّنًا كيف أن البيئة في مقترفاتِ ما تضع تحدّيات أمام كائنات حيّة فتستجيب لها عبر تغيير أنماط علاقتها بعضها ببعض وبالعالمين الداخليّ والخارجيّ، وكلّ ذلك من خلال مقاربة نشوء الوعي وتشكل الضمير، سواء في الماضي، أو هنا والآن. ذرًا للقارئ، لم أستطع إلا الحديث عن عمّان، و»آل عمان»، فهي عطر الحياة.

الرأي





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :