لا سلام من دون روسيا وأميركا
د.حسام العتوم
03-04-2016 04:08 AM
لدي قناعة أكيدة بأن السلام في الشرق الأوسط وفي العالم عموماً لا يمكن أن يتحقق من دون عمل مشترك دائم للقوتين والقطبين العملاقين تحديداً الفدرالية الروسية والولايات المتحدة الأمريكية مع الأخد بعين الاعتبار الفارق الاقتصادي بينهما لصالح واشنطن، بحكم اختلاف التوجه السياسي لكل منهما، فبينما تتواجد أمريكا اقتصادياً وسط أزمات العالم وخلف تبعات انهيار الاتحاد السوفييتي في جورجيا وأوكرانيا وكوبا مثلاً وفي كوريا كذلك، وفي بلاد العرب خاصة الغنية منها وفي إيران، نجد بأن روسيا تقيم عقوداً تجارية مع معظم دول العالم ومنها في المجال النووي السلمي المتقدم في وقت تعاني عملتها الوطنية (الروبل) من تضخم ملاحظ أمام (الدولار) و (اليورو)، وفي العمق صوت سياسي لأوروبا حليفة أمريكا و(الناتو)، وإيران، و(اسرائيل) بطبيعة الحال باعتبارها لاعباً رئيساً في مستقبل الانتخابات الأمريكية وفي رسم صورة رئيس البيت الأبيض القادم، والصين بحكم قوتها الاقتصادية الصاعدة، وتركيا رغم تعثرها في السياسة الخارجية، والأردن والسعودية وسط العرب.
وزبغنيو بريجنسكي صاحب كتاب (رقعة الشطرنج الكبرى ص 15 كتب قائلاً بأن (الهيمنة قديمة قدم الجنس البشري، لكن سيادة أمريكا العالمية الراهنة متميزة في سرعة ظهورها، ومداها العالمي، والطريقة التي تمارس بها، ففي بحر قرن واحد، حولت أمريكا نفسها – وتحولت ايضاً بفعل الديناميت الدولية – من دولة معزولة نسبياً في النصف الغربي من العالم إلى قوة لا سابقة لحولها وطولها العاليين)، لكن انهيار الاتحاد السوفييتي والحرب الباردة العلنية مع الغرب وبما في ذلك مع أمريكا وتحولها إلى سرية، ومع تسارع أحداث الربيع العربي الثائرة على الظلم والفساد والديكتاتورية وركوب الارهاب والاستخبار والاستعمار غير المباشر والاحتلال المباشر الاسرائيلي لموجاته وحراكه، ومع تطور الحدث السوري الدموي بالذات ودخول العون الروسي العسكري الفضائي الى ميدانه بدأنا نلحظ استقطاباً روسياً لواشنطن ولإيران ولاسرائيل ولدول العرب ولأوروبا لصناعة عالم متعدد الاقطاب يحترم اوراق مجلس الأمن والأمم المتحدة وحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني فإلى أين يتجه بنا القرن الواحد والعشرون سياسياً؟
ويضاف إلى ذلك أنه ما يزال على روسيا وعلى أمريكا اتخاذ الاختيار الجيواستراتيجي الجاد بعيد المدى بشأن تقاربهما السياسي والدبلوماسي والعسكري، ولقاء الرئيسين فلاديمير بوتين وباراك أوباما الاخير على هامش قمة العشرين بتركيا 17/ 11/ 2015 حول سورية وأوكرانيا، وفي قمة المناخ في باريس 30 تشرين الثاني 2015 لنفس الغرض لا يكفي حتى في ظل اللقاءات الطيبة المتكررة بين وزيري الخارجية سيرجي لافروف وجون كيري وبمشاركة الرئيس بوتين نفسه في قصر الكرملين أحياناً، وحالة عدم الانسجام بكامله كما يعتقد اعلامياً بين رئيسي أمريكا وروسيا لا مبرر ولا تفسير لها ما دامت المصلحة القومية لكل منهما هي الأهم، وبكل الأحوال فأن الانتخابات الأمريكية على الأبواب وتحديداً تاريخ 8 نوفمبر 2016، وهي التي ستحدد وجه امريكا الجديد من عام 2017 وحتى عام 2021 والعلاقة مع روسيا والعالم في اطار وجوب انتهاء الحرب الباردة العلنية والسرية، والمبارزة الحقيقية الآن هي بين هيلاري كلينتون من الحزب الديمقراطي وبين دونالد ترامب من الحزب الجمهوري، والمرجح فوز هيلاري التي سينتصر لها الشعب الأمريكي من جديد بعد وصولها للخارجية الامريكية سابقاً كمرحلة اولى على طريق توصيلها لقمة البيت الأبيض بسبب صبرها على خيانة زوجها بيل كلينتون (الرئيس السابق) أخلاقياً ومعنوياً لها وعفوها عنه.
الراي