الإعلان عن مولد فكرة الإطار الوطني الجديد، يراد له أن يؤسس لثقافة سياسية جديدة مختلفة في الرؤى والرسائل والأساليب والوسائل، بعد عدة محاولات وجهود مبذولة على صعيد النظر والتقويم والمراجعة لأدبيات المرحلة السابقة التي أدت إلى خندقة حزبية عميقة، وبناء جدران عازلة بين المكونات السياسية والمجتمعية، وتم صياغة عقليات إقصائية استفرادية لا تقبل الآخر، ولا ترضى بوجوده و لا تعترف بحقه في الحياة، فضلاً عن إمكانية المشاركة في إدارة الشؤون العامة، وهذا ما نشاهده عياناً، ونراه ونحسه في معظم الأقطار العربية المجاورة، التي يتم رفع السلاح فيها، وممارسة القتل بين أفراد الشعب الواحد، ومحاولة إضفاء الشرعية على عمليات القتل والإبادة تحت أغطية دينية ومذهبية وقومية وعرقية، وهذا الوصف ليس مقتصراً على اتجاه محدد أو فئة بعينها، بل إن الذين يمارسون الاحتراب الداخلي من كل الألوان الفكرية والاتجاهات السياسية.
الإطار الجديد يطرح لوناً جديداً من العمل السياسي، ويطرح افكاراً جديدة للتجمع وممارسة النشاط العام، تنبثق من فكرة التجمع على البرامج، وفكرة استقطاب الكفاءات الوطنية، وتجميع الطاقات والتخصصات القادرة على فهم الواقع فهماً صحيحاً، والقادرة على تقديم الحلول للمشاكل الكبيرة والصغيرة التي تعرقل مسيرة النمو، وتعيق مسيرة البناء والتطور، دون أدنى تمييز قائم على الدين أو المذاهب أو العرق، ودون التفات إلى الخلفيات الفكرية والتاريخ الحزبي القديم، ودون الدخول في جدل الهويات، والشعارات والانتماءات الجهوية والعشائرية، ودون مناكفة أو الدخول في سجالات التشويه وأساليب الإفشال للآخر.
هذا النمط الجديد في العمل السياسي يريد الانعتاق من المربعات الأيدولوجية، ويريد مغادرة الأوصاف التقليدية التي سادت سنوات طويلة، مثل الإسلام السياسي أو القومي أو الأممي، ويحاول أن يطرح إمكانية بناء الإطار السياسي البرامجي القائم على المواطنة والانتماء والبناء على قاعدة المساواة التامة في الحقوق والواجبات، ولا مجال لتفضيل أحد على آخر إلّا بمقدار ما يقدم للوطن، وبمقدار ما يملك من قدرة على الاستعلاء على المصالح الفردية والجهوية الضيقة وإعلاء شأن المصلحة الوطنية العليا التي تعود على جميع المواطنين بالخير والأمن والاستقرار والرفاه، والتحضر ضمن الإطار القيمي النبيل، المستمد من تراثنا وتاريخنا ومنظومتنا القيمية المشتركة، والقبول الواضح بمبدأ الدولة المدنية والحزب المدني دون مواربة أو لبس أو مخادعة.
لن تكون المهمة سهلة أمام هذا الطرح الجديد، ولن تكون طريقه مفروشة بالورود، وسوف يجد عوائق كثيرة وعديدة يفرضها الواقع والثقافات السائدة، والأنماط الحزبية التقليدية التي نشأ عليها الصغير وشاب عليها الكبير، ولكن لا بد من المحاولة الجادة ولا بد من البدء والشروع بما هو حق، ولا بد من السير في الطريق القويم الأكثر صوابية والأقدر على تحقيق الغايات والأهداف الوطنية العليا، التي تحتاج إلى توافق وتشارك في المساحات الوطنية الواسعة التي تجمعنا تحت مظلة الدولة والدستور والقانون والهوية العامة الموحدة.
وما هو صادم ألاّ يروق هذا الطرح لبعض الأحزاب والقوى السياسية العاملة على الساحة المحلية، و أن يكون هناك خطة معدة بعناية من بعض هذه الجهات لإفشال «زمزم»، وهو في الحقيقة أمرٌ في غاية الغرابة والاستهجان، ويعطي صورة مفزعة عن حجم المرض الحزبي المعبأ بالخصومة غير المبررة، فقد كتب أحدهم، والقول له وهو منقول بالكلمة : « كيف لنا في حزب ..... أن نظل الحزب الأكبر المعبر عن جمهورنا الإسلامي وغيره في ظل دخول منافس قوي لنا على نفس الجمهور»!!!.
هناك طريقان مهمان :-
الأول : الإفشال
لا بد أن نسوق الدليل تلو الدليل على أن هذا المكون صنيعة الدوائر الأمنية لإفشال الإخوان وحزبهم.
علينا أن نغتال الشخوص القائمة على المبادرة، وفتح دفاترهم القديمة واتهامهم بأنهم لطالما كانوا لعبة في يد الدولة.
لا بد من تتبع الثغرات في الخطاب.. ولو كان موافقاً لخطابنا فلنقل ما الجديد؟ ولو كان حقاً جديداً فلنقل : هذا انحراف عن المبدأ.
لن نسمع ولن نستمع لهم، ولن نستمع لأحد استمع لهم.
وهذا المسار الأول وفيه من الإبداع ما فيه ..»وهناك مسار ثانٍ مقترح على صعيد الحزب الداخلي» انتهى الاقتباس..
هناك بنود لم يذكرها صاحب القول مثل الاتهام بالإقليمية والعنصرية الأردنية وكذلك إلصاق تهمة الانشقاق بهذه الفئة ..
لقد كنت ألمس واحس وأشاهد وأسمع بنود هذا المخطط منذ بدء انطلاقة زمزم، ولكن لم أكن أتوقع بأنه قيد التنفيذ على هذا النحو من الوضوح والحسم، ولكن السؤال ما الذي يضيرهم من نجاح «زمزم»، إذا كان هدفهم خدمة الوطن وبناء قوته الحقيقية!!!؟
الدستور