.. وجدنا صوراً مفجعة لخراب عروس الصحراء تدمر بعد أن انتهت المعارك فيها. فداعش المعادية لكل ما هو حضاري بيقين ديني كامل معنية بمسح كل ما هو ثمين من ارث الأمة، وهم بهذا لا يختلفون عن طالبان في تخريبهم لتمثال بوذا، ولا يختلفون عن هولاكو وتيمورلنك في تخريبهم لبغداد (كانت 000ر800 ساكن) ودمشق تخريباً شمل مكتباتها وقصورها، وحدائقها ومساجدها!!. والغريب أن همجية هؤلاء بقيت الهمجية القبلية ذاتها مع أنهم اسلموا.. ولم يدخل الاسلام قلوبهم!!
نقرأ صور تدمر المخربة. وصور آثار نينوى المدمرة ومساجد سامراء، ونسأل: لماذا وهؤلاء الذين بنوا هذه الجماليات العظمى هم عرب، وآشوريون وبابليون جاءوا من الجزيرة العربية. ويقول التاريخ إن نبوخذ نصّر جاء الى فلسطين سلماً.. ماراً بدول عظيمة شرقي الأردن وكنعان، ودمر دولة يهوذا، وجاء بعده سنحريب فدمّر دولة اسرائيل وسبى الشعب اليهودي؟!.
تدمر وآثار نينوى هي مآثر لأمتنا ولا تمثل الغرباء، فالزبّاء، الملكة العظيمة كانت عربية، وكان اسم زوجها اذينة، وكانت عاصمتها تدمر، وقد خسرت الملكة معركتها مع الامبراطورية الرومانية.. فكرّمها الوثنيون بأسرها في سلاسل من ذهب.. ولم يدمروا عاصمتها الجميلة العظيمة.
هذه حقائق لا نريد أن نفهمها، على انها وجهة نظر تعتمد فكرة الاسلام وروحه. لقد امر الرسول الكريم بتنظيف ما حول الكعبة من آلهة الكفر والجاهلية.. لكنه لم يأمر بتدمير الكعبة. وقد دمرت الكعبة مرتين: مرّة حين هاجمها الحجاج بن يوسف الثقفي، لانها كانت رمزاً لخلافة عبدالله بن الزبير، ومرة حين داهمها القرامطة ونزعوا منها الحجر الاسود.. وكان الهادمان مسلمين، وهدموها باسم الاسلام!!.
.. هناك من لا يجد في التاريخ علاقة بما يجري في الحاضر، ونحن نختلف معهم. فالماضي والحاضر ليسوا شريطا سينمائيا نقطعه ونوصله كما نشاء.. انه استمرار غير قابل للتخالف والخلاف!!.
يقول احد علماء الاثار السوريين: إن إعادة ترميم ما خرّبه الداعشيون وأمثالهم في النظام يحتاج الى خمس سنوات، هذا اذا توقفت الحرب التي صار عمرها خمس سنوات.. ودخلنا في السنة السادسة. ولكنه لم يقل كم تكلف اعادة الترميم. وهل يحمل روح البناء القديم؟!.
نحن نخرّب أعشاش الحياة في أمتنا .. نخربها بأيدينا ونصيح: الموت لأميركا، والموت لإسرائيل، ويسقط الاستعمار وأذنابه.. ثم ما ابقينا للفاعلين منا؟!.
الرأي