ذكرياتي مع عبد الحافظ باشا الكعابنة
أ.د. سعد ابو دية
28-03-2016 11:33 AM
كانت بواكير اللقاءات مع عبد الحافظ باشا في الحفلات الدبلوماسية.
كان نشيطا جدا وكنت اشاهده باستمرار عندما كان يحضر الحفلات بابتسامته التي لم تبارح محياه, واذكر ان كثيرين خلطوا بينه وبين الشريف (الامير) زيد بن شاكر لبعض التشابه .
ومع اوائل التسعينيات الماضية حصل اول لقاء بيننا في مكتبه . لم يكن اللقاء بروتوكوليا اذ اخذ حقه وناقشنا بعض الامور المهمة ولمست الصدق في كل كلمة قالها وفي كل ملاحظة ابداها كما لمست الجدية المتناهية في اي سؤال سأله او تفاصيل تطرق اليها اذ كان يوضح لي بعض التفاصيل. خرجت من عنده راضيا. وبعدها تتالت الاحداث السياسية والعملية السلمية وسافرت الى اليابان ولما عدت وبمبادرة منه تم اللقاء الثاني في عام 1997 واذكر انه ذكر لي مثلا اردنيا رائعا اذ استشهد بذلك المثل الذي يقول (مثل اللي بيحرث مع اخواله) وقال ل ااريدك ان تكون مثل اللي بيحرث مع اخواله ولا يحصل على شيء من حقوقه لأن اخواله يقولون ابن اختنا يعمل معنا دون مقابل ولا يمكن ان يطلب اجرا وهو يقول اخوالي سوف يدفعون لي اجرتي ولا يمكن ان يقصروا معي وهكذا تبقى الامور عائمة. وفي النهايه لا يأخذ شيئا.
ويومها قال الكتابة صعبة وانت تمارس هذه المهنة الصعبة وتكتب في خمس دقائق ما اكتبه انا في نصف ساعة وكان الله في عونك. اريدك ان تعمل لي كتابا جيدا عن الجيش اهديه لجلالة الملك حسين رحمه الله في عيد الجيش وقل لي وحتى لا تحرث مع اخوالك ماذا تريد بالمقابل؟
قلت له هذه بسيطة جدا انتداب من الجامعة وبحيث اتقاضي نفس الراتب ولكن جلال خوتات المدير المالي وجد حلا عمليا اخر . و تم تخصيص مكتب لي في القيادة العامة واوكل الباشا مهمة التنسيق الى مدير التوجيه المعنوي وبدأت الكتابة وانهيت الكتاب قبل الموعد المحدد واتوقع انه احسن كتاب كتب عن الجيش اذ كان تحت يدي كل مااريد وسافرت لاكسفورد واحضرت وثائق وشارك معي في الكتابة رجل سمح هو اللواء قاسم محمد صالح مدير التوجيه المعنوي.. ومن ذكرياتي عن دقة ملاحظته ان مدير المطبعة قدم له صورة غلاف الكتاب وهنا قال له الباشا: لماذا لم تطلع الدكتور سعد على الغلاف؟.. قال كيف عرفت ان الدكتور سعد لم يشاهد الغلاف. قال : هناك خطأ لن يمر عليه. وبعد انتهاء تأليف الكتاب بايام بدأت كتابة الكتاب الثاني الجندية في خدمة السلام بناء على طلب جلالة الملك حسين نفسه من الباشا وهكذا مرت هذه الذكريات الجميلة والتي تجعلني اذكر عبد الحافظ باشا بكل خير.
كانت اللحظات التي قضيناها معاً قصيرة ولكنها نوعية جدا ونتائجها مفيدة وهكذا ساهم الرجل في تقديم علم ينتفع به وبعون الله لن ينقطع ذكره..