ظاهر عمرو .. مؤسس حزب مميز
اسعد العزوني
27-03-2016 01:01 PM
عندما توجد إرادة حقيقية، ونلمس شفافية ونزاهة في التفكير وطريقة الوصول إلى الهدف، لا بد أن نجني ما هو أفضل من الموجود، ونؤسس لجديد يبنى عليه لاحقا في حال توفرت الرغبة لذلك، ووجدنا من يرغب بالتغيير الإيجابي، لتحقيق الأهداف المرجوة.
معروف أن رجل السلطة في الوطن العربي بدءا من رئيس الحزب وإنتهاء برئيس الدولة – بعيدا عن الملكيات وأنظمة الحكم السلطانية والأميرية – يتشبثون حتى بأسنانهم إن فقدت الأصابع القدرة على الإمساك بالسلطة، ولدينا الكثير من الأدلة على ما نقول مثل :إلى الأبد يا حافظ الأسدّ! و: إما بشار أو سنحرق الديار، وهذا ما أدى إلى ما نراه من جرائم وحروب إبادة في سوريا.
وفي مصر قضى حسني مبارك 30 عاما في الحكم، وأراد توريث إبنه، وكأن المحروسة مصر تحول إسمها إلى مزرعة حسني مبارك ، لولا أن الأمريكيين خافوا على مصالحهم وقاموا بحيلة أجبرت مبارك على ترك السلطة .
وفي تونس كذلك وليبيا واليمن وأينما تجد دولة عربية فإنك ستسمع عن قصص التشبث بالحكم لا حصر لها .
هذا بالنسبة للرؤساء الذين إستولوا على الحكم بالقوة والدعم الأجنبي من أجل تمكين الإستعمار القديم من تنفيذ ما تبقى - وهو كثير - من أجندته لنهب المقدرات ووقف النمو والنهضة في الوطن العربي، حتى تبقى مستدمرة إسرائيل هي المسيطرة إقتصاديا وعلميا وعسكريا في المنطقة ، في حين نبقى نحن العرب تحت رحمة "القاتل الإقتصادي".
أما بالنسبة للشق الثاني من الصورة وهو العمل الحزبي، فلا فرق بين أمناء الأحزاب والحكام ، فالحكام كما أسلفنا يوقعون"كونتراتو" مع الكرسي ، ولا يغادرونها إلا إلى المقبرة أو السجن عندما يغضب عليهم "المعلم" القابع في مكان ما في هذا الكون الواسع.
يتقمص الأمناء العامون للأحزاب العربية شخصية الحاكم الذي يمطرونه الإنتقادات ليلا نهارا ، علما أن هناك العديد منهم على صلة وثيقة مع السلطة التنفيذية حتى وإن شتموها ليلا او نهارا ، لأن هناك أوقات تجلي بينهما ، وهؤلاء يتشبثون بالكرسي ويقمعون الشباب ويكرهون التغيير، لكنك عندما تستمع لهم في ندوة متلفزة ، تنبهر بما يتحدثون به عن ضرورة التغيير ومنح الشباب فرصة، كل ذلك رغم الخسائر والإنهزامات والإنتكسات التي نتعرض لها،فالمهم أن يبقى رأس الأمين العلم للحزب "بشم الهوا"،ألم ننشد للحكام ونهتف لهم أعقاب كل هزيمة كوتنا بنارها؟
بالأمس شاهدنا واقعا غريبا عن المشهد المألوف،لكنه ممتع ومبشر بالخير ويفضي للتغيير الحقيقي،وهذا ما كنا ندعو إليه ونطمح أن نراه،وها نحن نتمنى من كل قلوبنا أن تنتقل هذه العدوى "الزاكية " إلى بقية الأحزاب الأردنية والعربية،وأن يقضي الله امرا كان مفعولا،ونرى تغييرا في ما تبقى من المشهد العربي البائس الذي يحترق.
ما شاهدناه بالأمس وأثلج صدورنا واحيا الأمل في نفوسنا هو قيام أمين عام حزب الحياة الأردني "السابق "السيد ظاهر عمرو، بالتنحي الطوعي عن "سدة الحزب "، ويفسح المجال لرفاقه كي يقودوا هذه المرحلة،مع انهم ألحوا عليه إلحاحا وأصروا عليه إصرارا ، أن يبقة في سدة الحكم أمينا عاما،لكنه نفذ ما وعد، وسلم الأمانة للرفاق،وآثر أن يتحول في الحزب من امين عام له الصولجان، إلى عضو عادي في الحزب،ربما تطاله بعض العتمة إن لم يعمل على تشغيل أدواته .
لم يكن ما جرى في حزب الحياة صوريا، بل إنبثق عن إجتماع الأطر الحزبية وجرى نقاش موسع وحسب الأصول، سبقه إجراة تطويرات وتحسينات في مكاتب الحزب، إستبشرا بالفريق الحاكم الجديد، وبمرحلة يأملون منها ان تكون خيرا على الحزب والأردن والأمة العربية .
التجربة التي أرساها السيد ظاهر عمرو ليست هينة ، فم يقبل وهو القادر على التخلي عن منصبه خاصة وانه هو صاحب فكرة الحزب وهو الذي أسسه وصرف عليه من حر ماله قبل أن تلجأ "الحكومة " إلى تمويل الأحزاب بقيمة 50 ألف دينار من مالها الخاص!
ما أود الوصول إليه هو أن تصل هذه الرسالة إلى كافة الأمناء العامين للأحزاب الأردنية أولا والعربية ثانيا ،كي نلمس مصداقيتهم ورغبتهم في التغيير الإيجابي المنشود، ونأمال من الحكومة، ولو أن هذا مثل "أمل "إبليس في الجنة أن توعز للأمناء العامين للأحزاب التي "تمون "عليهم ،كي يفسحوا المجال لعناصر أخرى لإستكمال اللعبة .