الإعلام والإعلان وما بينهما من عولمة !!!
د.حسين محادين
21-07-2008 03:00 AM
ببساطة ؛ كان هدف الإعلام على الدوام الإخبار عن واقعة أو نتائج منافسة ما بدرجة عالية من الصدق والوصف التفصيلي غالباً ، في حين ان الإعلان مثل رسالة ذهنية وبصرية موحية تقوم على جزء معقول من الصدق ليُبنى عليه الكثير من المبالغة بهدف تسويق وزيادة استهلاك سلعة ما عادة .أن هذا التكثيف يجب الا يُنسينا سعي الإنسان تاريخياً للتواصل مع أخيه الإنسان عن بُعد لأهداف إعلامية وإعلانية لاحقاً بدءاً من استخدامه للغة النار وإشعالها على المناطق الشاهقة؛مروراً بقرع الطبول وإيصال الرسائل بالبريد مباشرة من خلال موظف البريد والعناوين الثابتة بالأمس . وتواصلاً في الوقت الحالي مع الآخر عبر الرسائل الإعلامية الملونة والمرمزة بأرقام الهواتف والقنوات الفضائية و ليس انتهاء بالوسيلة الإعلامية الأصغر حجماً والأكثر مرونة وخصوصية وهي الهاتف الخلوي صوتاً وصوراً ملونة وتأثيرات نوعية على اتجاهات المستهلكين والناخبين في ان .
في ضوء ما سبق .. لعل السؤال المدبب الأطراف في حياتنا الراهنة تُرى ماذا بقي من تلك الحدود والفواصل الموهومة بين مفهومي الإعلام والإعلان ؟ بعد ان ُصدمنا في معارفنا التقليدية التي ركنا إليها طويلاً حيث سارعت العولمات العديدة في انحسار تلك المعارف مُمثلة بسقوط الكثير من تلك الجدران والمعاني الذهنية والسلوكية السابقة؛ مثل سقوط جدار برلين والاتحاد السوفيتي منذ تسعينات القرن الماضي ، أو أفول الايدولوجيات الشمولية قُبالة صعود التقانات الإعلامية( التكنولوجيا ) بلغاتها الأدائية الموحدة الاستخدام معنى ومبنى .
لذا حرّي بنا التذكير هنا ان شركة كبرى مثل \" شركة س للمشروبات \" عندما أرادت ان تُغير رسالتها الإعلانية الإعلامية عبر تغيير لون عبواتها من اللون البني الغامق إلى اللون الأزرق الفاتح - كرمز للانطلاق والشباب قد قامت باستئجار طائرة كونكورد ضخمة لتطوف قارات العالم الخمس لتعلن هذا الخبر لان جمهورها المُستهدف موزعا على قارات العالم بغض النظر عن لغات المستهلكين فيها . أما أردنيا ؛لعل السؤال هنا ما المعاني الإعلامية والإعلانية المحمولة والمبثوثة عبر تزامن وصول المتسلق الأردني مصطفى سلامة إلى قمة ايفرست الكونية ورفعه لعلم الوطن عليها يوم الاستقلال الثاني والستين ؟ تُرى أولم تنجح عملية دمج وتداخل الإعلام والإعلان معا في سرعة قبولنا وتمثلنا إلى أخر ما توصلت إليه الأمم الأخرى من تطورات و تغيرات اتصالية وذهنية بالمعنى الحضاري عبر قدرة هذه الوسائل والمقنع منها تحديداً ؛ على إعادة تشكيل مدارك الإنسان وسلوكاته المعرفية والاستهلاكية انطلاقاً من المحلي وصولاً إلى العولمي ؛ وظهور مهن جديدة كعمال المعرفة ومُعدي برامج الحاسب والعناوين الالكترونية المتنقلة معنا كظلالنا في هذه القرية المتجسدة الآن بحدود شاشة الشبكة العنكوبتية والتي منحتنا بذات الوقت عضوية في مجتمع افتراضي نتفاعل معه دون ضرورة لإتقان أبجديات اللغات التقليدية، فهناك أبجديات للأداء والتعامل مع أدوات التقانة المعاصرة وهي الأهم فرديا وعولميا.
أخيرا.. أوليست وسائل الإعلام عموماً مستودعا للتغيير والمعارف الجديدة ومرجعيتهما في حياتنا الكونية الراهنة ، كيف لا ؟ وهي الحامل والمحمول للأفكار والسلع والخيال العلمي الذي يجري التركيز عليه خصوصا بعد ان توحد الإعلام والإعلان مجدداً عبر الأثيرين ( الصوتي والبصري) كجزء طاغ من منظومة إعلامية ترمي لإعادة تشكيل وعينا وقبولنا لعالم جديد يقوم على أطباء وحقوق إنسانية وتفاعل حضاري بلا حدود !!
وما تواصلنا لحظياً وبصورة متزامنة مع أي حدث في هذه المعمورة الا مؤشراً بليغاً لقدرة الإعلام على إغواء شجرة حواسنا المُتقدة كبشر وبغض النظر عن لغة الرسالة الإعلامية الأم ؛ودون توقف الكثيرين منا كمتلقين عادة عند حاملها ومحمولها لأنها الطاغية الراهنة علينا كبشر .
باحث وأكاديمي أردني
Dr_mahadeen@yahoo.com