عمون - اختتمت امس الاول اعمال الدورة السابعة والعشرين لمنتدى كرانز مونتانا الذي يرعاه الملك محمد السادس ملك المغرب. وشارك في اعمال هذا المنتتدى الدولي الذي احتضنته مدينة الداخلة في الفترة من 17-22 اذار الجاري، محمد داودية رئيس جمعية الحوار الديمقراطي الوطني والنائب حازم قشوع واكثر من الف مشارك بينهم نحو 850 شخصية من 130 بلدا و 27 منظمة إقليمية ودولية وتم بالشراكة مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة – الايسيسكو.

وكرست الدورة الحالية للمنتدى التي عقدت تحت شعار" افريقيا والتعاون جنوب – جنوب .. حكامة افضل من اجل تنمية اقتصادية واجتماعية مستدامة" للنقاش حول عدد من القضايا وخاصة تلك المتعلقة بالسبل الكفيلة بتسهيل الاندماج العالمي لافريقيا وتعزيز نموها وتنميتها وعقدت عدة حلقات نقاش حول الامن الغذائي وامن الطاقة وفك الارتباط مع الطاقة الملوثة والامن الإنساني والمرأة والحكامة في افريقيا والتربية على حماية البيئة والتربية كمفتاح للمستقبل وتشغيل الشباب.

وقال السويسري جون بول كارتروز الرئيس المؤسس لمنتدى كرانز مونتانا ان انعقاد المنتدى في الداخلة للمرة الثانية على التوالي مكن العالم من استكشاف مدينة الداخلة التي هي الدليل على ان المعجزة ممكنة على الأرض الافريقية فبفضل السياسات التي باشرها الملك محمد السادس والحكومة المغربية أصبحت الداخلة مدينة فريدة من نوعها.

ويعد منتدى كرانز مونتانا منظمة دولية سويسرية غير حكومية، حققت إشعاعا عالميا منذ عام 1986، وتسعى إلى الإسهام في بناء عالم أكثر إنسانية وأكثر إنصافا وتشجيع التعاون الدولي والنمو الشامل. كما تسعى إلى نشر الممارسات الجيدة والحوار الدائم بين ذوي المسؤوليات الكبيرة في العالم.

ووجه الملك محمد السادس ملك المغرب رسالة الى المنتدى تلاها الخطاط ينجا، رئيس جهة الداخلة وادي الذهب، اكد فيها على الثقة بنهوض افريقيا وخلاصها من الصيغة المكبلة القديمة.

وقال الملك محمد السادس : " كما نود أن ننوه بالمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة - إيسيسكو وبمديرها العام، فخامة الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، للدعم الدائم الذي يقدمه لهذه التظاهرة التي تتقاسم مع الإيسيسكو نفس القيم والقناعات التي تؤمن بها وتدافع عنها "

واكد الملك في رسالته على "ان قارتنا عانت لعشرات السنين من جراح تقسيمٍ للعالم، فرضه الاستعمار، ومن الآثار الجانبية لنزاعات إيديولوجية لا شأن لها بها، فقد آن الأوان لكي تسترجع إفريقيا حقوقها التاريخية والجغرافية: تاريخ غني لشعوب إفريقية وحدتها قرون من المبادلات والوشائج المتنوعة، وجغرافيا ملائمة لتحقيق تجمعات إقليمية مندمجة ومتكاملة. فعلى إفريقيا، من الآن فصاعدا، أن تؤكد حضورها كشريك أساسي في التعاون الدولي، وليس كمجرد موضوع له، أو هدف لرهانات الأطراف الأخرى. كما يجب ألا ينظر لإفريقيا على أنها مصدر للهشاشة، بل باعتبارها فاعلا أساسيا في عملية التقدم".

وقال الملك محمد السادس: أملنا أن تشكل هذه الندوة العالمية مناسبة للاحتفاء بالتعاون جنوب جنوب في خدمة البيئة، وأن تضع إفريقيا وكافة البلدان النامية في صلب الأجندة الدولية.
كما نراهن من خلالها على إسماع صوت القارة الإفريقية؛ قارة متحدة وقوية، ملتفة حول قضاياها؛ قارة يسمع صوتها ويصغى إليها. إن العالم مطالب اليوم بابتكار أنماط تنموية، من شأنها ضمان عيش أرغد لشعوبنا، مع الحفاظ على شروط استدامته. فلنجتهد جميعا في هذا الاتجاه، ولنصغ للمبدعين وللشباب؛ الذين يجددون باستمرار، ويهيؤون لنا عالم الغد.

والقى الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة - إيسيسكو كلمة اكد فيها على إن الحكامة هي قاعدة للاستقرار السياسي وللنماء الاقتصادي وللوئام الاجتماعي، بقدر ما هي أساس للبناء الثقافي وللتقدم الحضاري، وبذلك تكون التنمية الاقتصادية والاجتماعية، هي العمودَ الفقريَّ للتنمية الشاملة المستدامة، وتكون جودة الحكامة هي الدعم للنماء، والتعزيز للبناء، في مدلولاتهما الشاملة ومفاهيمهما العميق.

وأضاف قائلاً إن" الحكامة الجيّدة، بهذا المفهوم المتكامل والمعنى العميق الشامل، هي وحدها الطريق إلى تنمية المجتمعات في الميادين كافة، من خلال محاربة الفساد بكل أشكاله، والتمكين لدولة القانون وربط المسؤولية بالمساءلة، وتحسين ظروف العيش للسكان، وفتح الآفاق الجديدة للتعاون من أجل تسريع وتيرة النمو الذي يتيح لدول الجنوب تجاوز المعوقات الإنمائية، والعمل على تحقيق تطلعات الأجيال الحالية والقادمة.

وأوضح أن الشعار الذي اختاره منتدى "كرانز مونتانا" لدورته الحالية، يختزل المشاكل التي تواجه دول الجنوب خلال المرحلة الحالية، والتي تمثل التحديَّ الرئيسَ الذي يتوجّب عليها التصدّي له، والتعامل معه، مشيراً إلى أن بناء التنمية الشاملة المستدامة، التي أساسُها ومنطلقـُها التنمية الاقتصادية والاجتماعية، يقوم على قاعدة راسخة من الحكامة الجيّدة، التي تستند إلى سيادة القانون، وإلى احترام الحريات العامة، وإلى توسيع دوائر المشاركة في إدارة الشؤون العامة، وفي تسيير شؤون الدولة، وفي خدمة المصالح العليا للمجتمع.

وأشار الدكتور التويجري إلى أن المبادرات المغربية المنفتحة على أفريقيا نموذجٌ راقٍ ونقلة نوعـية للـتعاون جنوب-جنوب ، وأوضح أن اهتمام الإيسيسكو بهذه المبادرات الناجحة يأتي انطلاقاً من مقتضيات ميثاقها الذي ينص في أهدافه على " تدعيم التفاهم بين الشعوب في الدول الأعضاء وخارجها، والمساهمة في إقرار السلم والأمن في العالم بشتى الوسائل، ولاسيما عن طريق التربية والعلوم والثقافة والاتصال.
وأكد أنه من هذا المنطلق حرصت الإيسيسكو على المشاركة في تنظيم هذا المنتدى الدولي، الذي ينعقد تحت شعار "من أجل تعزيز جودة الحكامة خدمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية"، وعقد ندوتين متخصصتين في إطاره، في مجال البيئة والتربية، سيشارك فيهما صفوة من القيادات الدينية والتربوية من دول مختلفة.

ورافقت انعقاد اعمال المنتدى ارتدادات تصريحات بان كيمون امين عام الأمم المتحدة حول الصحراء المغربية التي تسببت بتوتر وردود أفعال واسعة في المغرب وادت الى خروج تظاهرة احتجاج في الرباط قدرالمشاركون فيها بثلاثة ملايين مغربي لأنها مست الوحدة الترابية المغربية التي هي ركن من اركان الاجماع المغربي.

كما تزامن انتهاء اعمال المنتدى مع الاعتداءات الإرهابية الوحشية التي روعت بلجيكا والعالم فاستدعت ردود فعل واسعة من المشاركين عبروا عن ادانتهم لها لوسائل الاعلام العالمية التي تواجدت بكثافة في المؤتمر.