يمكن التقاط جوابا ونصف الجواب، من زيارة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور الى دارة الدستور صباح امس، نصف الجواب، ان الحكومة تتفاعل مع الحالة الاردنية بعقلية تقليدية وتُلقي باللائمة على الظروف الخارجية لتراجع الاداء الاقتصادي المطحون تحت اغلاق حدود الاردن مع العراق التي كانت السوق الاول للصادرات الاردنية واغلاق الحدود مع سوريا التي كانت الطريق الاولى لاستيراد وتصدير البضائع الاردنية، واغلاق المعبرين يعني اغلاق سوق السياحة وقدوم السائحين الذي ينظرون الى التهاب الاقليم وحرائقه فيعزفون عن زيارة الاقليم والاردن من ضمنه وهذا وجع الاقليم بمجمله وليس وجعا اردنيا خالصا .
ما قاله الدكتور النسور في نصف الاجابة صحيح ولا يمكن التقليل من انعكاسات هكذا ظروف على الاقتصاد الاردني او اي اقتصاد آخر خصوصا اذا ترافق ذلك مع غياب دينميات الاستجابة والابتكار في ادارة الازمة، فالسياحة العلاجية ما زالت قائمة رغم معاناتها بحكم تضييقات الحالة الامنية وسط غياب حكومتين في اكثر بلدين مصدرين للسياحة العلاجية “ ليبيا واليمن “ وعدم ابتكار ادارة تتفاعل مع الظرف الامني الصعب في تلك البلدان التي يستعمل مسافروها اكثر وسائل النقل آمانا في العالم “ الطيران “ وتتصادم تلك مع حقيقة معلنة ان الملكية الاردنية حققت هذا العام ربحا صافيا بلغ 26 مليون دينار، فهل حققت الملكية هذه الارباح نتيجة تشغيل طائراتها على الخطوط الخارجية؟.
واستطرادا لنصف الاجابة يعلن الدكتور النسور ان المديونية في الاردن ارتفعت بنفس النسبة التي تدعم فيها الحكومة الماء والكهرباء والحبوب والاعلاف “ ستة مليارات دينار “، وذلك ايضا بحاجة الى وقفة جادة ومسؤولة وقرار جرئ اخذت الحكومة قرارات اكثر صعوبة وجرأة منه، وهو رفع الدعم عن غير المستحقين، وقد اخذت الحكومة هذا القرار برفع اسعار الكهرباء بنسبة 7,5% بدل 15% نتيجة انخفاض اسعار النفط ورفعت الشريحة الدنيا في المياه الى 6 دنانير ورفعت اسعار المياه والكهرباء على المستهلكين الكبار و اعضاء الشرائح العليا وبقي رفع الدعم عن الخبز وهذا ما ننتظره في الايام القادمة حسب تسريبات رسمية تربط بين رفع الدعم بالبطاقة الذكية القادمة قبل الانتخابات والتي بموجبها يمكن تقديم الدعم الى المواطن بدل السلعة وهذا القرار تأخر كثيرا دون مبرر .
الجزء الاخير من نصف الاجابة كان عدم التعرض لحجم الاستثمارات الهاربة من الاردن او الاستثمارات التي لم تصل اساسا، رغم البيئة الامنية المستقرة في الاردن ونشاط الملك الخارجي الذي حقق الكثير من الحضور اللافت، فهل فعلت التشريعات الاستثمارية العجولة او المستندة الى قاعدة رفع نسبة الضريبة بدل توسيع شريحة دافعي الضرائب ما عجزت رياح الربيع العربي عن فعله ؟ والحقت الضرر بالاقتصاد المنهك جراء الاقليم واحداثه باكثر مما الحقه الاقليم من ضرر.
الجواب الكامل الذي قاله الرئيس النسور ان حكومته ما زالت تملك فرص البقاء والاستمرار لمرحلة قادمة وربما يطمح الدكتور الذكي بفترة رئاسية قادمة، فهو يراهن كثيرا على حجم المشاركة الانتخابية في تغيير الشكل النمطي لمجلس النواب وامكانية احداث اختراق في البناء الجديد لصالحه خصوصا اذا امتلكت الحكومة ناصية القرار الاجرائي الحصيف والنزيه .
زيارة الرئيس الى دارة الدستور زيارة مقدرة وفيها من الرسائل الايجابية التي تحتاجها الدستور كثيرا في زمن تلاطم الامواج الاعلامية، فهي تأكيد على وطنية هذه السنديانة العريقة في حقل الصحافة الاردنية وضرورة بقائها صوتا وطنيا يعبر عن مصالح الجمهور الاردني ووسيلة آمنة ومحترمة لحمل رسائل الدولة الى الداخل والخارج وللانصاف فإن الحكومة مارست ارقى اشكال الدعم للصحيفة دون المساس بخطها التحريري او سلوكها السياسي، بدليل انه خلال الزيارة اكد ضرورة ان المصارحة والمكاشفة سواء الجزء الموثوق او حتى الجزء الذي على شكل اشاعة، ونحن ننتظر وعده في اكمال نصف الاجابة كما وعد في لقاء قادم مع اسرة الدستور .

الدستور