توجيهات معاليه ورعاية عطوفته
المهندس مصطفى الواكد
20-07-2008 03:00 AM
تكريسا للفردية وربط كل الإنجازات بشخص المسؤول الأول فقد درجت العادة لدى موظف القطاع العام وحتى القطاع الخاص أحيانا أن يبدأ الحديث عند إدلائه بأي تصريح عن نشاط أو إنجاز قامت به الوزارة أو المؤسسة التابع لها بأنه بناء على توجيهات معاليه والرعاية المباشرة من عطوفته فقد تم كذا وكذا--وعندما يتحدث الموظف مع المسئول , نجد عبارات التبجيل والتمجيد تطغى على لب الموضوع المطروح , ويصل الاعتقاد لدى المسؤول بأنه لولا فضل توجيهاته ورعايته الحثيثة ومتابعته الميدانية والتي ربما لم يمارسها يوما , لما طلعت شمس ولا استقامت حياة , وهو يعلم في قرارة نفسه أنه بحاجة لقراءة ما تم إنجازه ليتمكن من حفظ تفاصيله وعرضه بدوره بنفس الطريقة واقفا وقفة موظفه أمام مسئوله الأعلى , ناسبا كل الفضل لتوجيهات ذلك المسؤول , وهكذا دواليك .
من البديهي أن يكون لدى المسئول الأول في المؤسسة تصور واضح وبرنامج عمل تسير على ضوءه مؤسسته , مبني على توجهات عامة يدركها بل قد يضعها هو بنفسه , ومن البديهي أيضا أن يكون صغار الموظفين هم الأقدر على تلمس حاجات المواطنين وإدراك همومهم كونهم الأكثر قرباً لهم بحكم احتكاكهم المباشر معهم وبالتالي لا بد من مشاركتهم الرأي وحفزهم على ابتكار واقتراح البدائل لتحسين الأداء .
إن في غياب الإشارة لجهود صغار الموظفين وتجاهلهم عند الحديث عن الإنجازات وادعاء حصرها بجهود شخص المسئول , لتكريس للفردية وتجاوز على الآخرين , ونكون والحالة هذه أمام احتمالين لا ثالث لهما , فإما أن يكون ذلك الادعاء صحيحا , مما يعني أن كادر المؤسسة أو الجهة المعنية مجرد آلات تنفذ بدون تفكير , فهي إذن بحاجة إلى إعادة تأهيل , وإما أن يكون الادعاء باطلا , ما يعني أن المسئول يسرق جهد الآخرين لينسبه لنفسه دون وجه حق , مما ينعكس سلبا على اندفاع الموظف للمشاركة والإخلاص في العمل .
ما أود التأكيد عليه في النهاية , هو أن التوجه نحو خلق القناعة بالمشاركة وتفعيلها لا يتأتى بمجرد تحقق الإرادة السياسية لفعل ذلك , بل يتطلب العمل على تغيير نمط الثقافة والتفكير والسلوك وليس هنالك تحديد لمتى نبدأ ومن سيبدأ ومع من , فالأسرة والمدرسة والمؤسسة التي نعمل بها تتشارك معا في مسئولية إعداد المواطن الراغب في المشاركة والمؤمن بجدواها .
Mustafawaked@hotmail.com