فجأة ؛ امتلأ الفيسبوك بصور الأمهات ..كلّ أُم (أزكى) من الثانية..كلّ أُم في تفاصيل وجهها حكاية عائلة و حكاية مسيرة ..ولعلي لا أكون متعجلاً في حكمي إن قلت أن هذا العام نسبة صور الأمهات على الفيس كانت أكبر بكثير من الأعوام السابقة.
ما يهمني هنا هو الفيسبوك الأردني..فالأردني ما زال لديه من العيب أن تذكر اسم أمك..وكان ذكر اسمها ونحن طلاب كفيلاً بمعركة لا نتائج مضمونة لها ..و اليوم أعتقد جازماً أن غالبية من وضعوا صور أمّهاتهم أول أمس على الفيس كانوا من هذا الجيل ..وما عادوا يرون اسمها عيباً و الدليل الصور التي تزيّن بها الفيس أول أمس.
والأمر الآخر ..هو الكلام المكتوب تحت أو فوق الصورة ..وغالبيته كلام لصاحبه وليس منقولاً أو مسروقاً ..به طزاجة اللحظة و زبدتها ..به الدفء و الحميمية ؛ به صدق الابن و البنت الذي لا يخطئه الإحساس لأنه نابع من القلب و قد يكون أغلبه قد كُتِبَ و صاحبه يغالب دموعه فيه..!
من أجمل ما أعجبني يوم أمس الاول ؛إنني لم أجد في طريقي بيت حافظ ابراهيم الشعريّ : الأمّ مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق ..فقد مللت هذا البيت الجاهز و الحاضر في كل حديث عن الأم بطريقة مكرورة و فجّة ..!
الأمهات اللواتي اعترفنا لهنّ امس الأول بالمنّة و الفضل و بالدفء و المحبّة ..و اعترفنا بأنها أغلى ما في الوجود ..هنّ ذات الأمهات اللواتي اشقيناهنّ قبل قليل..هنّ اللواتي كسرنا نصائحهنّ في كثير من الأزمات..هن اللواتي غطّين على عيوبنا و خطايانا..هنّ اللواتي تركناهنّ يصارعن مواقف لنا حين تصدرن و نسبنَ لأنفسهنّ أفعالنا المشينة كي لا يلحق بنا العقاب ..! هنّ هنّ ..
الأمهات اللواتي أخرجنا صورهنّ اول أمس من الصناديق و نثرناهنّ لبعضنا كي يقول كل واحد منّا للآخر : هذي هي أُمي وليرني كلٌّ منكم أمَّه ..هنّ ذات الأمهات اللواتي يشكّلن لنا المخزون و الذاكرة ..ويعطين للحياة قيمةً أكبر و أكثر الآن والآن فقط..!
الدستور