يوم الكرامة .. في السعودية
أ.د. عصام سليمان الموسى
23-03-2016 02:22 AM
ما لا يعرفه الأردنيون انه قبل ثمان وأربعين سنة، عام 1968، يوم موقعة الكرامة، عطلت الكلية الحربية في الرياض عمل موظفيها، بعد ان التحقنا بالدوام في الصباح الباكر، وكنت واحدا منهم. عدت الى شقتي، وأدرت مفتاح المذياع ، وكانت المفاجأة ان اذاعة الرياض تحولت الى بث مباشر تنقل من إذاعة عمان تفاصيل المعركة، وجلست استمع للمذيع الأردني يقدم مستجدات المعركة دقيقة بدقيقة، تفصل بلاغات القيادة القوات المسلحة الأهازيج الأردنية الحماسية، وكانت لحظات مشحونة بعواطف جياشة نقلتنا الى خطوط المواجهة بقلوبنا وعقولنا ودعواتنا ان ينتصر جيشنا العربي الباسل..وتحقق النصر بهمة الرجال الأشاوس.
كنت أعمل مدرسا في الثانوية العسكرية التابعة للكلية الحربية التي كانت تقع على طريق المطار. كانت الرياض وقتها مدينة صغيرة. وحين التحقت بالعمل في الكلية الحربية مدرسا للغة الانجليزية مع زميلين اردنيين آخرين وقع الاختيار علينا من البعثة العسكرية التي اوفدت الى عمان، ويوم وصولنا تم تسفير ثلاثة اساتذة مصريين حللنا محلهم. وقتها كانت العلاقات العربية متوترة وكانت الحرب الاعلامية على أشدها تسمم الأجواء.
كانت مدينة الرياض في بداية تفتحها، وبعض شوارعها كان ترابي غير معبد. وقد عملت مدة عامين في الكلية الحربية، ومكنني ما وفرته من نقود، من تمويل دراستي العليا للماجستير في الولايات المتحدة الأميركية في مجال تخصصي في الأدب الأنكليزي. وكان الزميل الثاني الذي وقع عليه الإختيار الأستاذ سليمان مرجي مدرسا للكيمياء ، والزميل الثالث كان الأستاذ مازن من السلط.
كان في الكلية الحربية إدارتيان: مدنية وأخرى عسكرية. وكان كبير المعلمين المدنيين استاذ من سوريا. وكان من الزملاء الأردنيين الرائعين الأستاذ فاروق زلاطيمو الذي كان يدرس مادة علم النفس. ومن المصريين صادقت الأستاذ كامل مدرس اللغة العربية. وكان طبيب الكلية باكستاني. اما المدير العام للكلية الحربية فكان قائداً عسكرياً من آل الشيخ، وكان رجلا متفهما وكريما، وربما كان هو قائد القوات السعودية التي جاءت الى الأردن بعد فترة ورابطت في المملكة الأردنية الهاشمية لدعم صمود الأردن في تلك المرحلة الحساسة..
في ذلك اليوم الأشم في تاريخ العرب، كان يوم الكرامة مثل أيام العرب المشهورة، كيوم ذيقار، فيه تمكن الأردنيون من صنع يوم عربي حقق نصرا مؤزرا أعاد للعرب كرامتهم وأعاد الأمل الذي شلته حرب حزيران قبل ذلك بعام
ولا انسى العواطف الجياشة االصادقة التي استقبلنا بها زملاؤنا العرب وطلبتنا في اليوم التالي حين عدنا للعمل في الكلية الحربية. لقد شعر الجميع بطعم الانتصار.
الرأي